فقال : على الاستئناف والقطع. فقال له : ما أحسن ما قلت لو لا أن الفرزدق أنشدنيه مقلوبا.
وبيت الفرزدق وهو قوله [من الطويل] :
٥٦٥ ـ وعضّ زمان يابن مروان لم يدع |
|
من المال إلّا مسحتا أو مجلّف |
فإنّه أنشده أبو القاسم دليلا على رفع ما بعد حرف العطف على الاستئناف والقطع نظيرا لما تقدم.
وفيه ثلاث روايات : نصب «المسحت» وفتح الدال من «يدع» ، وكسرها ورفع «المسحت» ، وضم الدّال من «يدع» ورده إلى ما لم يسمّ فاعله. وكأنّ أصله «يودع» ، ثم حذفت الواو.
وأمّا على رفع «المسحت» وكسر الدال من «يدع» ، فيكون «المسحت» فاعلا بـ «يدع» و «يدع» مضارع «ودع» بمعنى «بقي» ، يقال : «ودع الرجل في بيته» ، إذا بقي فيه ، ويكون
__________________
٥٦٥ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ٢ / ٢٦ ؛ وجمهرة أشعار العرب ص ٨٨٠ ؛ وجمهرة اللغة ص ٣٨٦ ، ١٢٥٩ ؛ وخزانة الأدب ١ / ٢٣٧ ، ٨ / ٥٤٣ ؛ والخصائص ١ / ٩٩ ؛ ولسان العرب ٢ / ٤١ (سحت) ، ٩ / ٣١ (جلف) ، ٨ / ٣٨٢ (ودع) ؛ وجمهرة اللغة ص ٤٨٧ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٧٩ ؛ وشرح المفصل ١ / ٣١ ، ١٠ / ١٠٣ ؛ والمحتسب ١ / ١٨٠ ، ٢ / ٣٦٥.
اللغة : عضّ الزمان : شدّته. المسحت : المستأصل الذي لم يبق منه شيء. المجلّف : المستأصل الذي بقي منه شيء يسير.
المعنى : إن شدّة الزمان وقسوته لم يتركا لنا من الرّزق إلا القليل اليسير ، فارحمنا يا بن مروان.
الإعراب : «وعضّ» : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «عض» : مبتدأ مرفوع بالضمّة. «زمان» : مضاف إليه مجرور بالكسرة. «يا» : حرف نداء. «ابن» : منادى مضاف منصوب بالفتحة. «مروان» : مضاف إليه مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف. «لم» : حرف جزم ونفي وقلب. «يدع» : فعل مضارع مجزوم بالسكون ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هو). «من المال» : جار ومجرور متعلّقان بـ «يدع».
«إلا» : حرف حصر. «مسحتا» : مفعول به منصوب بالفتحة. «أو» : حرف عطف. «مجلّف» : فاعل لفعل محذوف تقديره (أو بقي مجلّف) مرفوع بالضمّة.
وجملة «عضّ زمان» : بحسب ما قبلها. وجملة «لم يدع» : في محلّ رفع خبر للمبتدأ (عضّ). وجملة «بقي مجلف» : في محلّ رفع (معطوفة على جملة «لم يدع»).
والشاهد فيه قوله : «مسحتا أو مجلف» حيث رفع «مجلف» على أنه يستأنف الكلام لجملة جديدة من مبتدأ وخبر (أو مجلف كذلك) ، أو أن «مجلف» فاعل لفعل محذوف مفهوم من السياق تقديره «بقي وللعلماء في تخريج هذا الكلام شيء كثير ، ومنهم من غيّر رواية البيت ليتحاشى التفسيرات هذه.