«أو مجلّف» ، معطوفا على «المسحت». وفتح الدال من «يدع» ، فيكون «المسحت» مفعولا بـ «يدع».
وفي رفع «أو مجلّف» خمسة أقوال : منهم من قال : إنّه مرفوع بالابتداء والخبر محذوف وهو أبو القاسم ، ومذهبه فاسد ، لأنّه لا يبتدأ بالنكرة من غير شرط.
ومنهم من قال : إنّه فاعل بفعل مضمر كأنّه قال : أو بقي مجلّف. ومنهم من قال : إنّه خبر ابتداء مضمر تقديره أو الباقي مجلّف ، وكلاهما حسن.
ومنهم من قال : إنّه معطوف على الضمير في «مسحت» ، وهو ضعيف من جهة اللفظ فاسد من طريق المعنى.
فأمّا ضعفه من طريق اللفظ فإنّه لا يعطف على الضمير المرفوع من غير تأكيد ، ولا طول قائم مقام التأكيد إلّا ضرورة.
وأمّا فساده من طريق المعنى فإنّ «المسحت» هو المستأصل ، و «المجلّف» هو الذي أكثره قد ذهب فلا يتصوّر أن يوصف «المجلّف» بأنّه «مسحت».
ومنهم من قال إنّه مصدر على وزن «مفعّل» نحو قوله تعالى : (وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ)(١). معطوف على «وعضّ». كأنّه قال : وعضّ أو تجليف. وهذا فاسد من طريق المعنى ، لأنّ المسحت : المستأصل ، والمجلّف : الذي ذهب أكثره ، فلا يتصوّر أن يقال : التجليف لم يدع من المال إلّا مسحتا.
وقول أبي القاسم : ومنهم من يرويه : «إلّا مسحت أو مجلّف». محمول على المعنى ، لأنّه إذا قال : لم يدع كأنّه قال لم يبق ، ولم يروه أحد غيره. وأحسن من ذلك أن يكون «يدع» بمعنى «يبقى» كالمكسورة الدال ، ويدلّ على ذلك قول الأسود بن يعفر [من الرمل] :
٥٦٦ ـ أرّق الجفن خيال لم يدع |
|
من سليمى ففؤادي منتزع |
__________________
(١) سورة سبأ : ١٩.
٥٦٦ ـ التخريج : البيت لسويد بن أبي كاهل في ديوانه ص ٢٨ ؛ ولسان العرب ٨ / ٣٨٢ (ودع) ؛ وتاج العروس ٢٢ / ٢٤٦ (نزع) ، ٢٩٧ (ودع) ؛ وشرح اختيارات المفضل ص ٨٩١ ؛ ومعجم البلدان ٤ / ٢٥٣ (الفرع) ؛ ولسويد بن كراع في لسان العرب ٨ / ٣٨١ (ودع) ؛ وتهذيب اللغة ٣ / ١٣٩.
اللغة : المنتزع : المقلوع. لم يدع : لم يستقر.