الله يغفر لك على ما ذكر من حذف أداة الشرط وفعله كانت الجملة الأولى جازمة بنيابتها مناب الجازم لا بحق الأصل.
واختلف أهل البصرة والكوفة متى يجزم جواب النهي. فمذهب أهل البصرة أنّه لا يجوز جزم جواب النهي حتى يسوغ فيه دخول حرف الشرط عليه مع أداة النهي ، نحو : «لا تعص الله يغفر لك» ، لأنّه يسوغ أن تقول : «إن لا تعص الله يغفر لك» ، ولا يجوز «لا تعص الله تندم» ، لأنّه لا يسوغ أن تقول : «إن لا تعص الله تندم».
ومذهب أهل الكوفة أنّه يجوز جزم جواب النهي إذا صحّ معنى الشرط ، وصحّ وقوع الفعل المنهيّ عنه مع أداة النهي ، أو دونها بعد أداة الشرط ، فيجيزون : «لا تعص الله تندم» ، لأنّه قد ضمّن «لا تعص» معنى «إن تعص الله تندم». وهذا فاسد ، لأنّ الجملة الأولى نائبة مناب أداة الشرط وفعله ، ولا يجوز أن تناب منابها حتى يكون الفعل المنهيّ عنه موافقا لفعل الشرط في الحرف الداخل عليه ، فلا يجوز : «لا تعص الله تندم» ، لأنّك إذا قدّرت في الأصل : إلّا تعص الله إن تعص الله تندم ، لم يجز أن تقيم «إلّا تعص الله» ، مقام «إن تعص» ، لأنّه غير موافق له في الحرف الداخل عليه.
وأمّا ما ورد في الحديث من حملهم : «لا تشرف يصبك سهم» ، فإنّه من تسكين المرفوع الذي لا يجوز إلّا ضرورة أو في قليل من الكلام ، نحو قول امرىء القيس [من السريع] :
٥٧٣ ـ فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل |
__________________
٥٧٣ ـ التخريج : البيت لامرىء القيس في ديوانه ص ١٢٢ ؛ وإصلاح المنطق ص ٢٤٥ ، ٣٢٢ ؛ والأصمعيات ص ١٣٠ ؛ وجمهرة اللغة ص ٩٦٢ ؛ وحماسة البحتري ص ٣٦ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ١٠٦ ، ٨ / ٣٥٠ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ؛ والدرر ١ / ١٧٥ ؛ ورصف المباني ص ٣٢٧ ؛ وشرح التصريح ١ / ٨٨ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٦١٢ ، ١١٧٦ ؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٦ ؛ وشرح المفصل ١ / ٤٨ ؛ والشعر والشعراء ١ / ١٢٢ ؛ والكتاب ٤ / ٢٠٤ ؛ ولسان العرب ١ / ٣٢٥ (حقب) ، ١٠ / ٤٢٦ (دلك) ، ١١ / ٧٣٢ (وغل) ؛ والمحتسب ١ / ١٥ ، ١١٠ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٦٦ ؛ والاشتقاق ص ٣٣٧ ؛ وخزانة الأدب ١ / ١٥٢ ، ٣ / ٤٦٣ ، ٤ / ٤٨٤ ، ٨ / ٣٣٩ ؛ والخصائص ١ / ٧٤ ، ٢ / ٣١٧ ، ٣٤٠ ، ٣ / ٩٦ ؛ والمقرب ٢ / ٢٠٥ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٥٤.
اللغة والمعنى : استحقب الشيء : أي شده وحمله خلفه. وهنا بمعنى ارتكب. الإثم : الخطأ الكبير.