وكذلك قوله [من الطويل] :
٥٨٣ ـ ولست بحلّال التلاع لبيته |
|
ولكن متى يسترفد القوم أرفد |
وزعم بعضهم أنه يجوز في الكلام والشعر ، والصحيح ما بدأنا به.
وإذا عطفت في هذا الباب ، فلا يخلو أن تعطف على الفعل الأول أو على الجواب ، فإن عطفت على الفعل الأول لم يجز فيها إلّا الجزم ، نحو : «إن يقم زيد ويخرج عمرو يغضب بكر».
فإن عطفت على الجواب ، فلا بدّ أن تعطف بالفاء ، أو بغير ذلك من حروف العطف. فإن عطفت بالفاء ، جاز في المعطوف ثلاثة أوجه : الجزم على العطف ، والرفع على الاستئناف ، والنصب بإضمار «ان» ، وهو أضعف الوجوه.
__________________
والشاهد فيه قوله : «على حين من تلبث ... يجد» حيث أضيف إلى اسم الشرط ظرف زمان ، فكان الواجب هنا إبطال عمل اسم الشرط ، ولكن الشاعر أعمله فجزم الفعلين بعده ضرورة.
٥٨٣ ـ التخريج : البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٢٩ ؛ وخزانة الأدب ٩ / ٦٦ ، ٦٧ ، ٤٧١ ؛ والكتاب ٣ / ٧٨ ؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ٢ / ٦٠٦.
اللغة والمعنى : التلاع : ج التلعة ، وهي المرتفع من الأرض أو المنخفض ، وهي من الأضداد. وهنا بمعنى المنخفض أو الوادي. استرفد : طلب الرافد أي العطاء ، أو المساعدة.
يقول : لست ممّن يسكنون الأودية خوفا من الأعداء ، أو من الضيوف ، ولكن متى يطلبني قومي للمساعدة أسارع بلا إبطاء.
الإعراب : ولست : الواو : بحسب ما قبلها. لست : فعل ماض ناقص ، والتاء : ضمير في محلّ رفع اسم «ليس». بحلّال : الباء : حرف جر زائد ، حلّال : اسم مجرور لفظا منصوب محلّا على أنّه خبر «ليس» ، وهو مضاف. التلاع : مضاف إليه مجرور. لبيته : جار ومجرور متعلقان بـ «حلّال» ، و «الهاء» : في محل جر بالإضافة. ولكن : الواو : حرف استئناف. لكن : حرف استدراك. متى : ظرف جازم متعلّق بـ «أرفد». يسترفد : فعل مضارع مجزوم لأنّه فعل الشرط وحرك بالكسر منعا من التقاء الساكنين. القوم : فاعل مرفوع. أرفد : فعل مضارع مجزوم لأنّه جواب الشرط. وحرّك بالكسر للضرورة الشعريّة ، والفاعل : أنا.
وجملة (لست بحلال التلاع) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة أو استئنافيّة ، أو معطوفة على جملة سابقة. وجملة (يسترفد) الفعلية في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة (أرفد) الفعلية لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء أو «إذا».
والشاهد فيه قوله : «ولكن متى يسترفد القوم أرفد» وهو كالشاهد السابق.