ووجه الشبه بينها وبينه هو تساويهما في التعريف ، والتأنيث ، والعدل ، والوزن. ومنهم من قال : إنّما بنيت لتوالي العلل عليها ، وذلك أنها قد كانت ممنوعة الصرف قبل العدل للتأنيث والتعريف ، فلما زاد العدل وليس بعد منع الصرف إلّا البناء بنيت ، وهو مذهب أبي العباس المبرّد.
ومنهم من قال : إنّما بنيت لتضمّنها معنى الحرف وهو تاء التأنيث ، وهو مذهب الربعيّ.
وهذان الوجهان اللذان ذهب إليهما أبو العباس والربعيّ ليسا بصحيحين ، لأنّه لو كان الأمر على ما زعم الربعي ، لم يجز في الاسم العلم المؤنّث إلّا البناء خاصة ، كما لم يجز في المعدول عن المصدر وعن الصفة الغالبة إلّا البناء ، لأنّ الاسم المتضمّن معنى الحرف لا يجوز فيه إلّا البناء خاصة.
وباطل أيضا أن يكون موجب البناء كثرة العلل ، لأنّ هذه العلل إذا وجدت في الاسم كان الاسم بها مشبها للفعل ، وشبه الفعل لا يوجب البناء بل الذي استقر في شبه الفعل بوجود هذه العلل فيه منع الصرف.
فإن قيل : فلأيّ شيء كان في العلم وجهان ، ولم يجز ذلك في المصدر ، ولا في الصفة الغالبة؟
فالجواب : إنّ الاسم العلم له شبهان ، شبه بالمبني المعدول ، وقد تقدّم ، وشبه بالمعرب إعراب ما لا ينصرف في أنّه اسم علم لمؤنّث كـ «سعاد» و «زينب». فمن لحظ من الأوجه الأربعة (١) المتقدّمة شبهه بالمبني بناه ومن لحظ شبهه بالمعرب أعربه ، وليس كذلك المصدر ولا الصفة ، لأنّهما ليسا باسمين علمين لمؤنث.
وأمّا من ردّ على أبي العباس المبرّد بأن كثرة العلل لا توجب البناء ، واستدلّ على ذلك ببعلبك ، وأنك إذا سميت امرأة بسلمان فإنّك تمنع الصرف ولا يجوز البناء ، فلو كانت كثرة العلل توجب البناء لبني ، ألا ترى أن سلمان قد اجتمع فيه زيادة الألف والنون والعلمية والتأنيث وفي بعلبك التعريف والتأنيث والتركيب ، فباطل ، لأنّ أبا العباس إنّما ذهب إلى أنّ الاسم إذا كان لا ينصرف فحدثت عليه علة ، فإنّه يبنى ، لأنّه ليس بعد منع الصرف إلّا البناء ، وأمّا ما دخلته علل كائنة ما كانت في أول أحواله ، ولم يثبت له منع الصرف قبل ذلك ، فإنّ
__________________
(١) كذا ، والذي تقدم ذكره وجهان.