خفض بها لا تكون اسما لما ذكر في «خلا» ، وهما مفترقان لما بعدهما ، فينبغي أن يحملا على الحرفية.
ومن نصب بـ «خلا» فهي عنده فعل ، ولا يتصور أن تكون حرفا بمنزلة «إلّا» لامتناع الرفع بعدها ، فمثال النصب بها قوله [من الطويل] :
٦٣٤ ـ خلا الله ما أرجو سواك وإنّني |
|
[أعدّ عيالي شعبة من عيالكا] |
فإذا دخلت على «خلا» و «عدا» «ما» المصدرية التزم فيما بعدها النصب ، لأنّ «ما» المصدرية لا تدخل إلّا على الفعل.
هذا مذهب سيبويه. وقد حكى غير سيبويه الخفض بـ «ما خلا» ، فعلى ذلك عنده «ما» زائدة لا مصدرية و «خلا» حرف.
ويكون موضع «خلا» و «عدا» و «حاشى» إذا كانت أفعالا النصب على الحال ، كأنك قلت : «قام القوم مخالين زيدا ومعادين زيدا» ، أي : متجاوزين زيدا ومحاشين زيدا ، أي : تاركين زيدا.
وقد يجوز أن تكون الجملة لا موضع لها من الإعراب ، بل هي جملة مستأنفة جاءت
__________________
٦٣٤ ـ التخريج : البيت للأعشى في خزانة الأدب ٣ / ٣١٤ ؛ ولم أقع عليه في ديوانه ؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٣٨٢ ؛ وحاشية يس ١ / ٣٥٥ ؛ والدرر ٤ / ١٦٤ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٢٣٧ ؛ وشرح التصريح ١ / ٣٦٣ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٢٤٢ (خلا) ؛ والمقاصد النحويّة ٣ / ١٣٧ ؛ وهمع الهوامع ١ / ٢٢٦ ، ٢٣٢.
اللغة : أعدّ : أحسب. عيالي : أهل بيتي. شعبة : طائفة.
المعنى : يقول : إنّني لا أؤمّل الخير من سواك بعد الله ، لأنّك لا تدّخر وسعا في التفضّل والإحسان إليّ وإلى عيالي الذين أعتبرهم شعبة من عيالك.
الإعراب : «خلا» : فعل ماض جامد مبني ، والفاعل : ضمير مستتر وجوبا. «الله» : اسم الجلالة مفعول به منصوب. «ما» : حرف نفي. «أرجو» : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «أنا». «سواك» : مستثنى منصوب. وهو مضاف ، والكاف : ضمير متّصل في محلّ جرّ بالإضافة. «وإنني» : «الواو» : استئنافية ، «إنني» : حرف مشبه بالفعل واسمه. «أعدّ» : فعل مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : «أنا». «عيالي» : مفعول به ، وهو مضاف ، والياء ضمير متصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة. «شعبة» : مفعول به ثان. «من عيالكا» : جار ومجرور متعلّقان بمحذوف نعت لـ «شعبة» ، وهو مضاف ، والكاف ضمير في محلّ جرّ بالإضافة ، والألف للإطلاق.
وجملة : «أرجو» ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة : «أعدّ» في محل رفع خبر «إنّ».
الشاهد : قوله : «خلا الله» حيث وقعت «خلا» فعلا نصبت بعدها مفعولا.