فجعل «الضرب الوجيع» التحية ، لمّا كانت العادة عند اجتماع الجموع أن يحيّي بعضهم بعضا ، فلما وقع الضرب ، ولم تقع التحية المألوفة ، جعل الضرب تحية لوقوعه موقعها. وكذلك قوله [من الطويل] :
٦٤٢ ـ فإن تمس في قبر برهوة ثاويا |
|
أنيسك أصداء القبور تصيح |
لما كان الذي يؤنس به إنّما هو الكلام جعل الصدى ، وإن لم يكن كلاما أنيسا لقيامه مقام الأنيس.
__________________
بالضمّة. بينهم : مفعول فيه ظرف مكان مبني على الفتح في محل جر بالإضافة وبني لأنه ظرف مضاف إلى مبني علما أنّه روي في سائر المصادر بجر «بينهم» وإعرابه ، و «هم» : ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. ضرب : خبر مرفوع بالضمّة. وجيع : صفة (ضرب) مرفوعة بالضمّة.
وجملة «وخيل قد دلفت لها» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «دلفت» : في محلّ رفع خبر لـ (خيل). وجملة «التحية ضرب» : في محلّ جرّ صفة لـ (خيل).
والشاهد فيه قوله : «تحية بينهم ضرب وجيع» حيث جعل الضرب الوجيع هي التحية بينهم ، وشاهد ثان في البيت هو قوله : «تحية» حيث حذف (ال) التعريف مع إرادتها.
٦٤٢ ـ التخريج : البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب ٣ / ٣١٥ ؛ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٩٦ ؛ وشرح أشعار الهذليين ١ / ١٥٠ ؛ والكتاب ٢ / ٣٢٠ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٣٤٤ (رها) ؛ والمقاصد النحوية ٢ / ٣.
اللغة : رهوة : اسم موضع. أصداء : جمع صدى وهو ذكر البوم ، أو طائر كانت العرب تعتقد أنه يصيح عند قبر المقتول حتى يؤخذ بثأره.
المعنى : إذا ما قتلت ، ودفنت في قبر بموضع رهوة ، صار الصوت المؤنس لك في وحدتك هو نعيب البوم ، أو طيور الصدى تحوم حول القبور وتصيح.
الإعراب : فإن : «الفاء» : حسب ما قبلها ، «إن» : حرف شرط جازم. تمس : فعل مضارع ناقص مجزوم بحذف حرف العلّة ، واسم (أمسى) : ضمير مستتر تقديره (أنت). في قبر : جار ومجرور متعلقان بـ (ثاويا). برهوة : جار ومجرور متعلقان بـ «ثاويا» أيضا. ثاويا : خبر (أمسى) منصوب بالفتحة. أنيسك : مبتدأ مرفوع بالضمّة ، و «الكاف» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. أصداء : خبر مرفوع بالضمّة. القبور : مضاف إليه مجرور بالكسرة. تصيح : فعل مضارع مرفوع بالضمّة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (هي).
وجملة «تمس» : جملة فعل الشرط لا محلّ لها. وجملة «جواب الشرط» : في بيت لاحق. وجملة «أنيسك أصداء» : في محل نصب حال. وجملة «تصيح» : في محلّ نصب حال.
والشاهد فيه قوله : «أنيسك أصداء القبور» حيث جعل «أصداء القبور» هي (الأنيس).