للمفعول والمصدر والزمان على صيغة واحدة. وأما قوله [من البسيط] :
٤٢٢ ـ فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر |
فنصب «مثل» مع تقديم الخبر على الاسم وليس بظرف ولا مجرور ، ففيه سبعة أقوال للنحويين ، فمنهم من جعله شاذّا ، وهو مذهب سيبويه رحمهالله. ومنهم من قال : البيت للفرزدق فاستعمل لغة غيره فغلط ، لأنّه قاس النصب مع التقديم على النصب مع التأخير ، وهذا باطل لأنّ العربي إذا جاز له القياس على لغة غيره جاز له القياس في لغته ، فيؤدي ذلك إلى فساد لغته.
ومنهم من قال : إنّما نصبه ضرورة لئلا يختلط المدح بالذم ، لأنّك إذا قلت : «ما مثلك أحدا» ، نفيت عنه الأحدية فاحتمل أن يكون مدحا وذما ، فإذا نصبت مثلك ورفعت أحدا كان الكلام مدحا ، فلذلك نصب «مثلهم» في البيت.
وهذا باطل ، لأنّ ما قبله وما بعده يدلّ على أنّه قصد المدح.
ومنهم من قال : هو منصوب على الحال والخبر محذوف وهو العامل في الحال.
__________________
٤٢٢ ـ التخريج : البيت للفرزدق في ديوانه ١ / ١٨٥ ؛ والأشباه والنظائر ٢ / ٢٠٩ ، ٣ / ١٢٢ ؛ وتخليص الشواهد ص ٢٨١ ؛ والجنى الداني ص ١٨٩ ، ٣٢٤ ، ٤٤٦ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ١٣٣ ، ١٣٨ ؛ والدرر ٢ / ١٠٣ ، ٣ / ١٥٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٦٢ ؛ وشرح التصريح ١ / ١٩٨ ؛ وشرح شواهد المغني ١ / ٢٣٧ ، ٢ / ٧٨٢ ؛ والكتاب ١ / ٦٠ ؛ ومغني البيت ص ٣٦٣ ، ٥١٧ ، ٦٠٠ ؛ والمقاصد النحويّة ٢ / ٩٦ ؛ والمقتضب ٤ / ١٩١ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٢٤ ؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٣١٢ ؛ وشرح الأشموني ١ / ١٢٢ ؛ ومغني اللبيب ص ٨٢ ؛ والمقرب ١ / ١٠٢.
المعنى : إنّهم قد أعيدوا إلى كرمهم المعهود ، وهم من قريش أشرف بني البشر.
الإعراب : «فأصبحوا» : الفاء بحسب ما قبلها ، «أصبحوا» : فعل ماض ناقص ، والواو ضمير في محلّ رفع اسم «أصبح» ، والألف فارقة. «قد» : حرف تحقيق. «أعاد» : فعل ماض. «الله» : اسم الجلالة فاعل مرفوع. «نعمتهم» : مفعول به منصوب ، وهو مضاف ، و «هم» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. «إذ» : حرف تعليل. «هم» : ضمير رفع منفصل .. مبتدأ. «قريش» : خبر مرفوع. «وإذ» : الواو حرف عطف ، و «إذ» : حرف تعليل. «ما» : من أخوات «ليس». «مثلهم» : خبر «ما» مقدّم منصوب ، وهو مضاف ، و «هم» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. «بشر» : اسم «ما» مؤخّر مرفوع بالضمّة.
وجملة : «فأصبحوا ...» بحسب ما قبلها. وجملة : «قد أعاد الله نعمتهم» في محلّ نصب خبر «أصبح». وجملة : «هم قريش» تعليليّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة «إذ ما مثلهم بشر» معطوفة على جملة «هم قريش».
الشاهد فيه قوله : «إذ ما مثلهم بشر» ، حيث عملت «ما» الحجازية مع تقدّم خبرها على اسمها ، وليس بظرف ولا مجرور.