كأنّهما في الكلام ، وإنما هما وصلة يراد بها الإبعاض ، فلا تعلق لهما بما بعدهما لا لفظا ولا معنى ، بل هي أصوات منفردة بما بعدها ، وما بعدها لم يتقدمه شيء.
وأمّا همزة الاستفهام فاستغني عنها بـ «هل».
وهذه الأدوات تنقسم قسمين : قسم لا يقع بعده إلّا الجملة. وقسم يقع بعده المفرد والجملة. فالذي يقع بعده المفرد والجملة : «متى» ، و «أين» ، و «كيف» ، و «بينا» ، فإن وقع بعدها المفرد ، كانت في موضع الخبر ، نحو : «كيف زيد»؟ و «أين عمرو»؟ و «متى القيام»؟ و «بينا قيام زيد قام عمرو».
وإن وقع بعدها الجملة ، كانت في موضع نصب على الظرف بما بعدها إلّا «كيف» ، فإنّ في إعرابها خلافا. فعلى مذهب سيبويه تكون منتصبة على الظرف لأنّها عنده من باب الظروف. فإذا قلت : «كيف زيد قائم»؟ فتقديره عنده : على أيّ حال زيد قائم؟ ومذهب الأخفش أنّها من الأسماء ، فإذا قلت : «كيف زيد قائم»؟ فتقديره عنده : أمسرعا زيد قائم أم غير مسرع؟ ويكون في موضع نصب على الحال.
وذلك فاسد ، لأنّ الحال خبر من الأخبار ، و «كيف» استفهام ، فلا يصح وقوعها خبرا. والصحيح ما ذهب إليه سيبويه. والذي يدل على صحة مذهبه أنّ «كيف» لا تتصرف ، أعني أنّها لا تستعمل فاعلة ، ولا مفعولة ، ولا يدخل عليها حرف جر ، وباب الأسماء غير المتصرفة أن تكون ظروفا. وأيضا فإنّها إذا جعلت ظرفا ، كانت في تقدير : أصحيح ، أم سقيم ، أم مريض ، أم ضعيف ، أم غير ذلك من الأحوال التي يمكن السؤال عنها.
ومهما أمكن أن يكون اللفظ في معنى واحد ، كان أولى من أن يكون له مفسّرا بما لا ينحصر من الألفاظ.
فإن قيل : فكيف تجعل ظرفا ، وهي ليست باسم زمان ولا مكان؟ فالجواب : انّها واقعة على الأحوال ، والحال قد تشبه بالظرف ، فيقال : «زيد في حال حسنة» فكذلك «كيف».
وأمّا الذي لا يقع بعده إلّا الجملة فما بقي ، ولا موضع له من الإعراب ، لأنّه حرف. وأمّا «بينما» ففيها خلاف ، فمنهم من جعلها من قبيل ما لا يليه إلّا الجملة. ومنهم من جعلها من قبيل ما يليه الجملة تارة والمفرد أخرى. فأجازوا : «بينما قام زيد قام عمرو» ، على زيادة «ما». والعامل في «بينما» و «بينا» جوابهما. ولا يعمل فيهما ما بعدهما ، لأنّهما مضافان