والمجموع ، والمؤنث ، والمذكر بلفظ واحد. وهذا فاسد لأنّه إذا أمكن أن يحمل اللفظ على غير الشذوذ كان أولى.
ومنهم من زعم أنّ «ذا» إنّما كان مفردا مذكرا على كل حال لأنّه إشارة إلى مفرد مذكر محذوف والتقدير عنده في «حبّذا زيد» : حبذا حسن زيد ، وكذلك «حبّذا الزيدان» : حبّذا حسن الزيدين ، وكذلك حبّذا الزيدون ، أي : حبّذا حسن الزيدين ، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهو مذهب ابن كيسان ، وهو فاسد لأنّ العرب إذا حذفت المضاف وأقامت المضاف إليه مقامه ، فإنّما تجعل الحكم من تذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع وغير ذلك على حسب الملفوظ به لا على حسب المحذوف ، فتقول : «اجتمعت اليمامة» ، ولا تقول : «اجتمع اليمامة» ، وإن كان الأصل قبل الحذف : اجتمع أهل اليمامة.
ومنهم من ذهب إلى أنّ «حبّ» مع «ذا» بمنزلة كلمة واحدة ، واستدلّوا على ذلك بكون اسم الإشارة لا يتصرّف بحسب المشار إليه ، ولو كان باقيا على بابه لتصرّف كتصرفه في غير هذا الموضع ، وبكون العرب لا تفصل بين «حبّ» و «ذا» بشيء فلا تقول : حبّ في دار ذا زيد ، تريد : «حبّذا في دار زيد» ، وهو أولى من حمل «ذا» على الشذوذ.
والذاهبون إلى أنّهما بمنزلة شيء واحد منهم من ذهب إلى أنّ «حبّذا» كلّه فعل ، ومنهم من ذهب إلى أنّه اسم كلّه.
والذاهب إلى أنّه فعل استدلّ على صحة مذهبه بأنّ الفعل هو الأسبق والأكثر حروفا ، فينبغي أن يغلّب على الاسم.
والذاهبون إلى أنّه اسم استدلّوا على ذلك بأنّ تغليب الاسم على الفعل أولى من تغليب الفعل على الاسم ، لأنّ الأسماء أصل الأفعال ، والأصول أبدا تغلّب على الفروع إذا اجتمعت. وأيضا فإنّه قد وجد من الأسماء ما هو مركّب ، نحو : «بعلبكّ» ، و «رام هرمز» ، و «خمس عشرة» ، وأمثال ذلك كثير ، ولم يوجد من الأفعال ما هو مركّب. وأيضا فإنّ العرب قد تدخل عليه حرف النداء كثيرا ، ومن ذلك قول الشاعر [من البسيط] :
٤٣٤ ـ يا حبّذا جبل الريّان من جبل |
|
وحبّذا ساكن الريان من كانا |
__________________
٤٣٤ ـ التخريج : البيت لجرير في ديوانه ص ١٦٥ ؛ والدرر ٥ / ٢٢٠ ؛ وشرح شواهد المغني ٢ / ٧١٣ ؛ ولسان العرب ١ / ٢٩١ (حبب) ؛ ومعجم ما استعجم ص ٦٩٠ ، ٨٦٧ ؛ والمقرب ١ / ٧٠ ؛ وشرح