.................................................................................................
______________________________________________________
بل في بعض هذه التصريح من المنع (١) بالوجوب والاستحباب كما نقل ذلك عن فخر المحقّقين (٢). وأعرض عن ذكر هذا الحكم بالكلّية الصدوقان وأبو الصلاح وأبو المكارم وغيرهم فقد ضعفت دعوى الشهرة في الاستحباب فضلاً عن الإجماع في الوجوب إلّا أن يدّعى شهرة ذلك عند الرواة ونقله الحديث كما تشعربه رواية المفضّل بن عمر (٣).
بيان : احتجّ الرادّون لهذا الحكم بوجهين ، أحدهما : أنه مبني على كون الحرم قبلة وإلّا لم يوجب التياسر اختلافه يميناً ويساراً ، وقد مرَّ ضعفه ، ومع التسليم إذا ردّت علامة القبلة إليه فأدنى انحراف يؤدّي إلى الخروج عنه كما يشهد به الحس. الثاني : أنّ غير المتياسر إن كان مستقبلاً كان التياسر عن القبلة وإلّا كان المعبّر عنه بالتياسر هو القبلة فلا معنى له. ويجاب عنهما بأنّ التياسر عن العلامة المنصوبة للقبلة أو عن المحاريب لكونها على وفق العلامة. فالمعنى أنّ العلامة تقريبية لا تحقيقية فإذا اريد التحقيق لزم التياسر أو استحبّ. وإنّما اطلقت في أخبارهم عليهمالسلام لعلم السامع بالمراد بإشارة أو غيرها أو للتوسّع في القبلة وجواز اكتفاء أكثر الناس بالسمت ، وإنّما أوجبه اختلاف جهتي الحرم لما عرفت من أنّ الخارج لا يجوز له التوجّه إلى غيره للعلم بخروجه عن سمت الكعبة حيث لا تكون قبلته الحرم. وهذا الجواب جارٍ على القول بأنّ البعيد قبلته الحرم وعلى القول الآخر من دون تفاوت.
ويؤيّد هذا الجواب ما حكيناه عن بعض معاصري (٤) الفاضل الهندي من أنّ
__________________
(١) كذا في النسخة المصحّحة المطبوعة والصحيح : بالمنع من الوجوب والاستحباب.
(٢) لم نعثر على الناقل عن الفخر وأمّا المنقول عنه فلم نظفر عليه في إيضاحه ولا في الحاشية النيلية المحتملة نسبتها إليه ، وأمّا غيرهما من كتبه فليس بأيدينا منها شيء.
(٣) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب القبلة ح ٢ ج ٣ ص ٢٢١.
(٤) نقله عنه الشارح بتفضيله في ص ٢٩٦ نقلاً عن كشف اللثام : ج ٣ ص ١٤٠ ١٤٢ وأما قائله فلم نجده باسمه ورسمه.