وما سميت بهذا الاسم إلا أن ماءها يشابه عبرة الإنسان فى الصفا ، ويقال : بل عبرة تعبرها القوافل ، وكان السبب على ما حكى غزىّ بن أبى بكر الحجازى أن أهلها كانوا جبابرة ، ومن جملة خبرهم أنه إذا ضاق على أحدهم الرزق من وجوه الشقا والكد والطلب لم يستحسن يطلب من أحد ولا يبذل ماء وجهه إلى أحد فكان يحفر حفرة كبيرة يدخل فيها هو ومن معه ويموتون جميعا لئلا يعلم بحالهم عدو يفرح أو صديق يهتم ، كما قيل :
وكم قد رأينا من فتّى متجملا |
|
يروح ويغدو ليس يملك درهما |
يراعى نجوم الليل مما يصيبه |
|
ويصبح يلقى ضاحكا متبسما |
ولا يسأل الإخوان ما فى يديهم |
|
ولو مات جوعا عفة وتكرّما |
وقبور القوم باقية فى ما بين كل قبر منها مقدار دار عظيم ، فسميت العبرة ، فاعتبروا يا أولى الأبصار ، ولم يتحقق عند ابن المجاور أنهم كانوا مسلمين أو غيرهم من أهل بعض الأديان ، وبقى آثار الخسف والحجار بها.
فصل : حدثنى بدوى من أهل البلاد بهذا المنزل سنة تسع عشرة وستمائة أنه جاز بهذه البئر رجل غريب فسألنى عن جبل الحايلة ونجوان والناجية فأنبأته عن الثلاثة الجبال فقلت له : ما شأنك تسأل عن هذه الجبال؟ قال : إنى قرأت فى بعض الكتب أن ما ينجو فى آخر العهد إلا من سكن هذه الثلاثة الجبال ، فقلت له : فأى الجبال هم؟ فقال : نجوان ، وهو جبل بنى عليه حصن عزان ، والجبلان الآخران بقربه ، والله أعلم.