بناء زبيد
حدثنى عبد الرحمن بن أحمد بن الراجى قال : كان فى أرض زبيد عقدة طرفاء وأراك وكان حول العقدة قصور وقرى جماعة إحداها المتامة والنفير من غربى البلد مدينتان عظيمتان ، ومن جملة عظمهما أنه كان يخرج منهما فى كل ليلة جمعة وخميس خمسمائة رقيص لزيارة الصالحين ، وجنيجر شرقى البلد بناء دقيانوس ، وواسط ما بين الغرب واليمن فكان يخرج من هذه البلد كل يوم ستمائة فارس يتلاقون فى أرض زبيد التى هى الآن عامرة فبقوا على حالهم زمانا طويلا إلى أن مل بعضهم بعضا.
وخرج مشائخ القوم إلى العراق فى دولة الإمام أمير المؤمنين الأمين ابن هارون الرشيد وعرّفوه حالهم وخبرهم وقالوا له : نحن قوم من الأعاشر وجميعنا بنو عم ويجرى بيننا قتال ، فقال الأمين : من منكم الكبير؟ فأشاروا إلى رجل ، قال : ومن من بعده؟ فأشاروا إلى آخر ، وما زال يسألهم ويخبرونه حتى عد القوم خمسة جماعة ، فولّى الشيخ الكبير عليهم ، وقال للحاضرين : إذا مات هذا فيتولى من بعده الثانى ، وإذا تولى الثانى ثم مات فليتولّ الثالث ، وإذا مات الثالث فليتولّ الرابع ، فإذا مات الرابع فليتولّ الخامس ، وعقد للشيخ على أصحابه وبنى عمه.
وخرج القوم من مدينة السلام بغداد راجعين فمات الشيخ الذى عقد له الأمين البيعة ، وتولى بعده الثانى فمات ، ثم تولى الثالث فمات ، فتولى الرابع ، فلما قرب من البلد مات الرابع فأبى الخامس أن يتولى فعزل نفسه ، خوفا من الموت ، فولاها رجلا