ويقال : إن مدينة مأرب بناها سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، ويقال : عابر ، وهو : هود ، عليهالسلام ، ويقال : إنما سمى سد مأرب لأن قوم عاد لما سلط الله عليهم الريح العقيم وكان يقف على السد كل يوم كذا وكذا من رجل ليردوا عن أصحابهم البلاء ، وكانت الريح تضرب بعضهم على بعض ، كما قال الله عزوجل : (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)(١) فبنوا السد ليرد عنهم قوة الماء ، فلما عذب تلك الأمة اجتمع السيول فيه وكثرت المياه فبقى جريا للماء فبنى عليه قرى وعمارات وزراعات إلى حدود الشأم وكان يسقى منه جميع ذلك.
فصل : ولد لحصيص بن حصن ولد فى مأرب أمسى علمه فى حضرموت مسيرة ثمانية أيام ، لأن كل ناطور زرع كان يخبر صاحبه حتى اتصل الخبر بحضرموت ، وذلك من عمارة البلاد وكثرة العباد.
بأعمال العواهل جبل يسمى المعدن ، وهو معدن الفضة ، وجبل يسمى سرواح معدن الذهب وترابه أصفر يشبه الزرنيخ لم يعرف أهل زماننا هذا عمله ، ويقال : إن قوم عاد كانوا يستخرجون الذهب والفضة من هذين المعدنين وهم فى هذه الأعمال ، ما بين إقليم العواهل ، ووادى بيحان جبل ملح لم يكتل عرب مذحج والبدو والبلاد إلا منه ، ويقال : بل يكتال منه عرب نجد وما حولها من البدوان ، ويوجد بهذه الأراضى النعام والفهود والظباء والأيائل كثيرة ، وجميع بناء القوم بالحجر الرخام المنحوت المنجور ، وكان ينقل فى قديم العصر من جبل يام ، وهو مقارب براقش مسيرة أربع فراسخ ، حصن أبيض.
__________________
(١) الآية : ٤٢ من سورة الذاريات.