أجاد جميل مرة بعد مرة |
|
وما الجود إلا عادة لجميل |
فلما سمع المدعى كلام السائل قال بترك ما كان قد أسس من بنائه المجصص ، وكان حاتم طيئ إذا قدّم الزاد قدام الضيوف وفضل منه شىء لم يرده إلى منزله ، بل يخليه على حاله ، كما قال :
رحلنا وخلقنا على الأرض زادنا |
|
وللطير من زاد الكرام نصيب |
وأما عرب الفلاة فلا يتغدى أحدهم إلا قرب الظهر ولا يتعشى إلا قرب نصف الليل وما يؤخرون الغداء والعشاء إلا لأجل الضيف الذى يقدم عليهم ، فإذا وصلت قافلة إلى حلة عرب يخرج أهل الحلة إلى القافلة يمسك كل واحد منهم ثلاثة أربعة أنفس من أهل القافلة ، وكذلك من يكون فى البيت من النساء والعجائز والأطفال ، وكل من يكون قليل النهضة ينادى بأعلى صوته : إلىّ يا وجوه العرب بارك الله فيكم ، ويشير بيده إلى الإنسان ، فإذا حضر عندهم رجل عزيز القدر ينحر عليه رأس إبل ، وإن كان عابر سبيل يذبح عليه شاة ، وإن كانوا جماعة والضيافة لرجل واحد من بين القوم يقدم صاحب الدار قدامه الزور والألية ، يعلم من حضر أن الدعوة لذلك الرجل الواحد والباقون طفيلية ، والمستورون يأخذ صاحب الدار رغيف يكسره ثلاث أربع كسر يرميه قدام إنسان ، تكون الدعوة لذلك الشخص ، ويسلق اللحم بالماء والملح ويثرد الخبز ويقلب عليه السمن الكثير فيشرب اللحم بالمرقة ويفرّق جميع اللحم على الثريد ، وهذا طبيخ العرب خاصة يسمونها الهريسة.
فصل : نزل جماعة شعراء على رجل من الأعراب فى برية قفر فقام الأعرابى يجزر على القوم بعيرا كان عنده فأضافهم تلك الليلة ، فلما انبسط القوم فى الحديث