وهو مشرف على البحر المالح ، فلما سمع بهذه المقالة نزل فى لحج وأمر بأن تحفر الآبار ، التى هى الآن يشرب أهل عدن منها ، وأمر أن ينقر له باب فى صدر الوادى.
صفة نقر الباب وحفر النهر
وأقام على حفر النهر ونقر الباب رجلين ، قال حكماء الهند : هما عفريتان من الجن ، وما زال أحدهما ينقر الجبل والثانى ابتدأ فى حفر النهر برأس سقطرة من أعمال لحج ، وما زال الرجلان يعملان فى النقر والحفر إلى أن بقى عليهم من العمل شىء يسير ، فقال الحجار : إنى إن شاء الله تعالى بالغد أفرغ ، أى أتم عملى ، فقال الحفار : وأنا بالغد أدخل الماء إلى عدن إن شاء الله أو لم يشأ ، فانقطع النهر بعضه من بعض وانسد معين الماء من الأصل وارتدم ما بناه ، بعضه على بعض ، ولم يصح منه شىء ولم تقم منه صورة ولا استقام منه مغنى ، ووصل فى حفره إلى تحت جل الحديد ومن عنده انقطع.
قال ابن المجاور : ورأيت آثار النهر بعينه مبنى بالحجر والجص بناء محكما وثيقا فى عرض ذراع ما بين الماء وجبل الحديد وقد علاه البحر ولم يبن لناظره إلا إذا عرى البحر ماد شبه خط الاستواء داخل فى البحر.
قال فلما أصبح الحجار من الغد فتح نقر الباب وفتحة الباب واستقام له الأمر على ما أراد ، ويقال : إنه بقى فى النقر مدة سبعين سنة حتى أتمه ، فلما طال المقام فى حال القوام صار شداد بن عاد ينفذ إلى هذا المكان كل من وجب عليه الحبس