فصل : قال ابن المجاور : وخروج الإنسان من البحر كخروجه من القبر ، والفرضة كالمحشر ، فيه المناقشة والمحاسبة والوزن والعدد ، فإن كان رابحا طاب قلبه ، وإن كان خاسرا اغتم ، فإن سافر فى البر فهو من أهل ذات اليمين ، وإن رجع فى البحر فهو من أهل ذات الشمال.
فإذا كان هذا حال المخلوق فى عالم الكون والفساد مع مخلوق كذا ، فكيف حال المخلوق بين يدى الخالق غدا فى هول العرض الأكبر ، اللهم لا تناقشنا يا كريم.
وبنى ابن الزنجبيلى قيصارية العتيقة والأسواق والدكاكين ودور الحجر ورجعت عدن فى زمانه ، فلما دخل سيف الإسلام إلى عدن أوقف ابن الزنجبيلى جميع الأملاك على مكة سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، وبنى الملك المعز إسماعيل ابن طغتكين بن أيوب بنية جميعها دكاكين بالباب والقفل للعطارين قيصارية جديدة ، ثم بناها المعتمد رضى الدين محمد بن على التكريتى على اسم الملك المسعود يوسف بن محمد بن أبى بكر ، وكثر الخلق بها فبنوا الدور والأملاك وتوطن بها جماعة عرب من كل فج عميق.
وبنى المعتمد محمد بن على حمام حسين وحفرت الناس بها الآبار وبنوا بها المساجد وأقاموا المنابر ورجعت طيبة.
والأصح إنما عمرت إلا بعد خراب فرضة أبين وهرم ، وانتقل التجار من هاتين المدينتين وسكنوا قلهات ومقدشوه فعمرت الثلاث المدن حينئذ ، والله أعلم.