قدم الملك إلى إحداهن وجدها ثيبا ، وكذلك الثانية والثالثة والعاشرة إلى المائة وجدهن رجّعا على نسق واحد ، فلما دخل الوزير إلى خدمة الملك قال الملك للحاضرين : جاشك ، أى إنه شك فيهم ، أى استفضهم ، وقال : بل ما شك ، أى جاء من شك فيه اليقين ، فلما تحقق الوزير مقالة الملك استدعى بالحق وفتح رأسه فإذا فيه الآلة ، فقال له الملك : ما حملك على هذا الفعل؟ قال : خفت هذا الذى بدا وقضية الذى جرى ، وحينئذ نادى الملك جميع الجوارى وسألهن عن حالهن فقلن : إنا نزلنا فى الجزيرة الفلانية وسبحنا فى عين ماء عذب فما علمنا بأنفسنا إلا وكل منا معها جنى يستفضها ، فقال الملك : تردهم إلى جزيرتهم ، فسكنوا جزيرة قيس ، فبنوا الدور وتناسلوا وكثر الناس ، فسموا جاشك ، على ما جرى من لفظ الملك ، فدارت عليهم اللغة فسموا جاشو.
فصل : حدثنى أبو القاسم بن إبراهيم بن محمد المرابط قال : تمت حالة مثل هذه الحالة فى أرض المغرب وأنفذ الملك بوزير له يسمى ... با أى إلى أعمال السودان يشترى له جوار ، فلما دنا الملك من الجوارى وجد عندهن وساعا ، قال : زناتا ، يعنى الوزير ناوانا ، فعرفت القبيلة بزناتا ، وهم قوم من البربر رجل وخمسون ألف ضارب سيف.
قال ابن المجاور : وما أظن القوم افترقوا فرقتين إحداهما سكنت أرض المغرب فعرفوا بزناتا ، والفرقة الثانية سكنت جزيرة قيس فعرفوا بالجاشو.