ذكر جزيرة سقطرى
يقال : إن فى قديم الزمان كان جميع هذه الأمكنة بحر لا غير ، وكانت سقطرى ما بين البحر والبر ، فلما فتح الله الفم من مقابل الجبل غرق البحر إلى باب المندب ما بين عدن وزبيد ووقف الماء عنده ، فلما فتح باب المندب وقف أواخر بحر القلزم ، وجبل سقطرى صار الآن جزيرة فى لجج البحر يصح دور الجزيرة أربعون فرسخا.
حدثنى الحامى قال : يصح دورها ثمانين فرسخا ونيف ، وليس فى جميع هذه البحار أكبر منها جزيرة ولا أطيب منها وهى ذات نخل وبساتين وزروع ذرة وحنطة ، وبها إبل وبقر وضأن ألوف مؤلفة ، وفيها مياه سائحة على وجه الأرض ، وهو عذب فرات ، وهو خليج كبير ينبع أوله من الجبال ، طويل عريض ، ويغلب ما فضل منه البحر ذات أسماك ، ويطلع منه شجر الصبر السقطرى ودم الأخوين ، ويوجد فى سواحلها العنبر الكثير.
وسكانها قوم نصارى سحرة ، ومن جملة سحرهم أن سيف الإسلام جهز إلى الجزيرة ، والأصح سيف الدين سنقر ، مولى إسماعيل بن طغتكين ، خمس شوان ليأخذوا الجزيرة ، فلما قرب القوم من الجزيرة انطمست الجزيرة عن أعين القوم وصاروا صاعدين منحدرين طالعين ونازلين ليلا ونهارا أياما وليالى فلم يجدوا للجزيرة حسّا ولا وقعوا للجزيرة على خبر فردوا راجعين ، ويقال : إن الروم الملاعين يكتب فى كتبها عن الجزيرة يعنى سقطرى : الجزيرة المحروسة بأرض العرب.