النهر وخوارزم وهجر فكان يتفرق فى أقاصى الأرض ودانيها ، وما كان يبان كما ينزف فى عصرنا هذا للقوة من ما بين سائر الأمكنة برّا وبحرا إلى الهند ، ولم يؤثر جميع ذلك فيها أثرا كما يقال : لا تنظر إلى طول المنارة ولكن انظر إلى الجامع.
ذكر حشمة أهل المنذرية
حدثنى رجل من أهل الحجاز قال : إنما كان مأكول الفرس من أهل سيراف السمك الضيراك ، ففى بعض الفصول يعدم فعند عدمه خرج غلامان لتاجرين ليشتريا ضيراكا ، إذ أقبل الصيادون بضيراك فتزايد فيه الغلامان إلى أن بلّغوه ألف درهم فاشتراه أحدهما ، فلما دخل الغلام بالحوت على سيده استحسن منه ذلك وأعتقه وأعطاه ألف درهم يتعيش منها ، وأما ما كان من الغلام الآخر فإن سيده من غيظه عليه أهانه غاية الإهانة ، لما أن غلام زيد غلبه فى الشطارة.
حدثنى أحمد بن سلطان المجيدى قال : إنما أخرب المنذرية على بن مهدى سنة أربع وخمسين وخمسمائة ، ويقال : إن بنى مجيد بنوا البلاد وبقوا على ما هم عليه إلى أن قحطت البلاد وجاعت العباد ، ويقال : إنهم افترقوا ذات اليمين وذات الشمال وبقيت خرابا فجاء الحجازيون فاستعاروا الأرض من بنى مجيد ، فوافق ذلك الموضع الحجازيين وقويت أيديهم عليها لما أخصبت البلاد وشبع العباد ، فرجع بنو مجيد إلى بلادهم وأوطانهم فقاتلهم الحجازيون وأنكروهم وأخرجوهم من ديارهم كرها من غير رضى ، فلما عجز بنو مجيد عن مكافاتهم تفرقوا ثلاث فرق : فرقة