فصل : نزل سقّاء بئرا بطريق مكة ينزح منه الماء فى الدلاء لقلته فرحل الحاج على غفلة وبقى السقاء مكانه ثلاثة أيام بلياليها ، فبعد انقضاء هذه الأيام قدم رجل من وجوه العرب فأدلى دلوه فنظر الأعرابى السقاء فى قرار البئر فاستقى وسقى حصانه وشرب واستخرج السقاء من البئر وأردفه وراءه وسار به غير بعيد إلى أن وصل خبت قفر ليس به مما خلق الله عزوجل من المخلوقات سوى فرد حى ، أى بيت شعر له ، وفى الحى امرأة واحدة ، وهى زوجته ، فقامت المرأة وغسلت يد السقاء ورجله بماء حار وأدفأته ، ونام السقاء واستراح ، فلما استيقظ وجد طبيخا حارّا فتعشى وشبع ونام صاحب البيت وزوجته إلى الصباح ، فخرج صاحب البيت أسرج وألجم وركب حصانه وغدا للصيد ، وبقى السقاء عند المرأة تهتم بحاله وتدور فى أموره إلى أن تعافى وصح مما به ، فلما دار الدم فيه فتح عينيه ، وقدم صاحب الحى عند اصفرار الشمس وأحضر بين يديه الذى رزقه الله سبحانه من الصيد طبخا أو أكلا جميعا ، وبقى السقاء على حاله مدة ثلاثة أيام على الرسم والعادة ، وفى الرابع شبع وتعافى واستراح ، فمد عينيه إلى المرأة فوجدها صورة عجيبة فطالت يده مع قصر رجله فى مثال ذلك المكان وراودها عن نفسها مرارا فنهته فلم ينته ، فقام معها بالكلية وقامت معه بالمنية ، فلما أبصرت العفيفة عين الحقيقة قامت إليه فمسكته وأدارت كتافه وشدته فى جوار كلب كان عندها.
ففيهن من تسوى ثمانين بكرة |
|
وفيهن من تسوى عقال بعير |
وفيهن من لا بيّض الله وجهها |
|
إذا قعدت بين النساء بزير |
فلما رجع زوجها نظر الحال غير الحال فقام إليه وحله وقدم إليه ما حضر ، وبقى يراودها عن نفسها ثلاثة أيام متواليات وتفعل به الدست.