نفسها فأبت أن تطيعه ، فقال لها : إن كان ولا بد فاسقنى سمنا ، فقالت له : أهلا وسهلا ، اشرب! ونزلت بالظرفين فحلّت رأس أحدهما فشرب الرجل منه شيئا وقال لها : ليس هذا سمنا طيبا ، ففتحت له الثانى فشرب حاجته وقال لها : أمسكى ، فأمسكت الظرفين ، فحينئذ قام وكشف وراءها وجامعها والمرأة خائفة أن تخلى السمن يتبدد ، وما زالا على حالهما إلى أن فرغ منها ، فشدت رأس النحيين ، أى الظرفين ، وأركبها أتانها ومضى ومضت وراء شغلها ، وتم الرحل على ذلك ، فعلم أبوها ، ويقال : أخوها ، عمرو بن معديكرب ، الخبر فجاء وسدد الآبار وهدم الأميال ونقض القصور ليقطع سلوك الطريق ، فلما طم الآبار سفى الرمل فظهر ما بقى منه وانقطعت الطريق ، وعرفت بذات النحيين ، يعنى المرأة والظرفين ، والله أعلم وأحكم.
ذكر الفيض
وهو رمل شبه دقيق السميذ دون أعمال التنعيم مما يلى ظهر اليمن ، لم يقدر أحد يسلكه لرفعه ، مسيرة هذا الرمل شهر كامل ويقال : أيام ، وهو الذى يسمى رمل عالج ، وهو الرمل الذى هو على شفا طريق الرضراض قطعه بعد أن منعه ، ويقال : إنما دخل سيف بن ذى يزن إلى العراق وورد إلى اليمن بعساكر الفرس إلا على حده ، وكانت المسافة فيما بين الإقليمين سبعة أيام ، ويقال : عشرة أيام ، على ما تقدم ذكره.
ويقال براوية أخرى : إن عمرو بن معديكرب كان وراء الفلاة مع الظعن لما سدد الآبار سفى السافى طم ما بقى من الباقى وجاء فى خلق عظيم ملك صعدة