ذكر السبب فى زوال ملك على بن أبى الغارات
وحصولها للداعى سبأ
كان محمد بن الجزرى نائبا لعلى بن أبى الغارات فى نصف عدن ، وأحمد ابن غياث نائب سبأ فى نصف عدن ، فقاسط ابن الجزرى فى قسمة الخراج أحمد ابن غياث فامتدت أيادى أصحاب على بن أبى الغارات إلى ظلم الناس وعاثوا وأفسدوا وأطلقوا أيديهم وألسنتهم بمذام الداعى سبأ ، فحينئذ قام القائد بلال بن جرير المحمدى إلى ولاة عدن ، وقد أمره الداعى أن يهايج القوم ويحرك القتال بعدن ففعل بلال ذلك وجرت بينهم وقائع عظيمة فى لحج آخرها قتل الداعى سبأ بن أبى السعود علىّ بن أبى الغارات بها سنة خمس وأربعين وخمسمائة ، وأوصى بالأمر لولده علىّ الأعز ، وكان على الأعز مقيما بالدملوة فهمّ أن يقتل بلالا بعدن ، فمات على الأعز وأوصى بالأمر لأولاده وهم : حاتم وعباس ومنصور ، وكانوا صغارا فجعل كفالتهم إلى أنيس ، خادم حبشى.
وكان محمد بن سبأ قد هرب من أخيه فاستجار بالأمير منصور بن مفضل بن أبى البركات فأجاره ، وحين مات على الأعز فى الدملوة سيّر بلال من عدن رجالا من همدان فأخذوا محمد بن سبأ من جوار المنصور بن المفضل ونزلوا إلى عدن فملّكه بلال واستحلف له الناس ، وزوّجه بلال ابنته ، وجهزه فى جيش فحاصر أنيسا ويحيى العامل بالدملوة فملكها وأطاعته البلاد كافة ، ثم مات فى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.