أنفسهم أن يزن كل واحد منهم يوسفى فى دية الكلب ، فتقرر ذلك عليهم فكانوا يزنون للأمير سبعة يوسفية ويوسفى للقواد وصار المبلغ ثمانية يوسفية على كل رأس.
ومن لم يزن كانوا يأخذونه ويدلونه فى صهريج من صهاريج جدة ، والأصح فى صهريج مسجد الأبنوس ، ويقال : إنهم كانوا يصيرونهم إلى جزيرة صندلة ، وقيل : إلى جزيرة أبى سعيد ويعلقون أحدهم بحقوه وقد عرش بها أخشاب لهذا الفن.
فإذا حج الناس وقضوا مناسكهم وأفاض كلّ راجعا إلى مقصده فحينئذ يخرجون المغاربة من الصهاريج والجور وقسطوهم على المراكب الراجعة إلى مصر والراجعة إلى عيذاب والقلزم.
فصل : سئل قائد من القواد : لم تأخذون منهم هذا اليوسفى وهم أشد الناس بخلا وأنزق الناس فى الخلق؟ قال : لقول الشاعر :
وخذ القليل من البخيل وذمه |
|
إن القليل من البخيل كثير |
قال الحسن بن محمد بن الحوت : ليس هو كذلك وإنما كان يزن أحدهم سبعة يوسفية ونصف كل يوسفى ستة وعشرون قيراطا وحبتين بوزن مكة ، وفى دية الكلب نصف يوسفى فصار المبلغ ثمانية يعقوبية ، أسس ذلك فى دولة الأمير عيسى ابن فليتة وبقى يحيى على حاله إلى أواخر دولة الأمير مكثر ، فلما كثرت الأقاويل ووصل هذا الخبر إلى مسامع العالم أنفذ صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب إلى الأمير مكثر بأربعة آلاف أردب حنطة ، والأصح ستة آلاف أردب ، إلى جدة وإلى مكة وقال له : خذ هذا القدر واترك عن المغاربة الجزية مع دية الكلب ، فأزال الأمير