ماء فى بيته فبعد يوم واحد ، ويقال : بعد ساعة واحدة ، وإن شرب حليبا حرم عليه دمه بعد ثلاثة أيام بلياليها ، ويقال : إن السلام يكون فى ذمامه إلى أن يغيب كلّ عن صاحبه ، فإن سلّم عليه صاحبه بطل حقه وأمن من جميع ما يكره ، قيل : ولم ذا؟ قال : لأن اللحم يبقى بمعدة الإنسان يومين وليلتين ، ويبقى الخبز يومين ، وليلة ، ويبقى الماء يوما واحدا ، والسلام ما يغيب عن النظر ، فما تقتضى المروّة أن تقتل إنسانا وخبزك فى أمعائه.
فصل : هجا دعبل بن على الخزاعى المطلب بن عبيد الله الخزاعى ، فلقيه المطلب فى طريق فقال له : سر معى إلى منزلى ، فذهب به ، فلما دخل قال : والله لأقتلنك شر قتلة ، فقال له دعبل : لا تقتلنى وأنا جائع ، أشبعنى وافعل ما شئت (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)(١) قال له : ما أحسن ما طلبت النجاة! إن أطعمتك وجبت الحرمة والأمان ، وإن لم أطعمك بخلت أى بخل ، فقال دعبل : والله لا ذكرتك بعدها بسوء أبدا ، فأطلقه وأحسن جائزته.
وإذا عض الذى عليه الدم ذيل امرأة أو طفل يحرم ذنب المذنب على صاحبه ، فإن هرب الذى عليه الدم إلى بيت إنسان استجار به ، فإن عفى عنه صاحب البيت الذى جرى بينهم .... (٢) وحكى أن قوما استجاروا بحجر بن مهلهل فأجارهم من الهواء وبنى لهم سورا من الحجر والجص ونصب على السور سرادقات من الأدم ولم يخلّ الهواء يهب عليهم.
__________________
(١) الآية : ١٠٢ من سورة الصافات.
(٢) بياض بالأصل.