بعد أن أخربها ، وقد تقدم ذكر خرابها ، فلما خربت المدينة بنت العامة موضع الخراب بعينه ، ويقال : بل قريب منه ، والأصح أنه بنى فى أوسط الخراب وقالوا : نترك الأطراف! ويقال : إنما غزّى القوم إلا بدوى من ذات الأكيك وذات الحرمل ، وفيه يقول عنترة :
طال الثوى على رسوم المنزل |
|
بين الأكيك وبين ذات الحرمل |
فلما ضاق على البدوى الأرض أسفى الأرض فى ديارهم خرج إلى الحجاز وقتل على يد أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، كرم الله وجهه.
ويقال : إنما ينتقل الإنسان من مكانه لأربع خصال : لرزق يستوفيه ، أو لموت يقتضيه ، أو لسعادة تأتيه ، أو لشقاوة تستوليه.
حدثنى هشام بن مسعود النجرانى فى دار الإمارة قال : إنه كان هذا الطريق ينفذ إلى الكوفة ، أو قال : إلى البصرة ، وكان أهل اليمن يسافرون إليه بالحمير وعليهم الأديم إلى إحدى هاتين المدينتين فى العام مرتين ، قلت : وعلى أى الأمكنة كان مسلكهم؟ قال : على اليمامة والحساء والبصرة ، قلت : ومتى كان عهدكم بعمرانه؟ قال : سنة عشرين وخمسمائة وقال :
لما رأيت سلوّى غير متجه |
|
وأن غرب شفارى عاد مفلولا |
دخلت بالرغم منى تحت طاعتكم |
|
ليقضى الله أمرا كان مفعولا |
وقال آخر :
سألت الناس عن خلّ وفىّ |
|
فقالوا : ما إلى هذا سبيل |
تمسّك إن ظفرت بودّ حرّ |
|
فإن الحرّ فى الدنيا قليل |