والدليل الثالث أن البحر الذى ما بين السرين وجدة يسمى مطارد الخيل ومرابط الخيل ، والأصل فيه أن العرب كانت تربط الخيل فى هذه الأرض ، والأصح أنهم كانوا يطاردون به الخيل لما لم يكن بحرا ، وكان البحر أرضا يابسة ، فلما فتح ذو القرنين باب المندب غرق جميع الأراضى وما علا منها صارت جزرا فى ناحية البحر يسمى باسم الأصل مطارد الخيل.
ومما ذكره الأمير أبو الطامى جياش بن نجاح فى كتاب المفيد فى أخبار زبيد الأول ، وهما كتابان : المفيد الأول الذى صنفه الأمير جياش ، والثانى صنفه فخر الدين أبو على عمارة بن محمد بن عمارة ، فذكر الأمير جياش بن نجاح فى كتابه المفيد فى أخبار زبيد أن البحر كان مخاضة لقلة مائه فلذلك تغلبت الحبشة على جزيرة العرب حتى ملكوا صنعاء إلى حد إقليم العواهل وبقيت دولتهم فيها فى الكفر والإسلام إلى أن أفناهم على بن مهدى سنة أربع وخمسين وخمسمائة ، وفى عهده انقرضوا وزالت دولتهم مع شدة صولتهم.
نعود إلى ذكر ذى القرنين ، كان البحر على حاله إلى أن فتح ذو القرنين باب المندب فجرى البحر فيه إلى أن وقف آخر القلزم فطال وعرض وترخّى وانبسط وانفرش فبانت أرض عدن.
ومما ذكره أبو عبد الله محمد بن عبد الله الكيسانى فى تفسيره قال : لما خرج شداد بن عاد من أرض اليمن طالبا أعمال حضر موت ووصل لحج فنظر جبل العر وعظمه من على مسافة بعيدة فقال لأعوانه : اغدوا أبصروا هذا الجبل وما دونه! فلما عاينوا الموضع رجعوا وقالوا : إن هذا الموضع واد وفى بطنه شجر وفيه أفاع عظام