وأما تسميتها بالقرية فقال الله عزوجل : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) أى ساكنة بأهلها لا يحتاجون إلى انتقال عنها لخوف أو ضيق (يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ) الرزق الواسع الكثير ، يقال : أرغد فلان إذا أصاب خصبا وسعة (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) أى كذبت محمدا صلىاللهعليهوسلم (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ)(١) وأصل الرزق بالنعم وأكثر اشتقاقه منه وذلك أن الله تعالى عذب كفار مكة بالجوع سبع سنين حتى أكلوا الجيف والعظام المحرقة وكانوا يخافون من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن سراياه.
والقرية اسم لما يجمع فيها جماعة كثيرة من الناس ، وهذا اسم مأخوذ من الجمع يقال : فريت الماء فى الحوض إذا جمعته فيه ، ويسمى ذلك الحوض مقراة.
وأما تسميتها بأم القرى فقد قال الله عزوجل : (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها)(٢) يعنى مكة.
وفى تسميتها بذلك أربعة أقوال :
أحدها : أن الأرض دحيت من تحتها ، قاله ابن عباس ، وقال ابن قتيبة : لأنها أقدمها.
والثانى : لأنها قبلة يزوها الناس.
والثالث : لأنها أعظم القرى شأنا.
والرابع : لأن فيها بيت الله عزوجل.
__________________
(١) الآية : ١١٢ من سورة النحل.
(٢) الآية الأولى من سورة الأنعام.