وبناء البلد بالحجر والجص وبناء الطبقة الثانية بالشكل ، وهذا فى زمان معاوية بن أبى سفيان ، وصارت بعده فى أيام أبى عبد الله محمد المهدى بالله أمير المؤمنين لما بنى الحرم الشريف كل دار تشابه حصنا من الحصون لأجل إحكامها ، وبنى الأمير هاشم مدينة ظاهر مكة ما بين درب الثنية والمسفل تسمى مربعة الأمير ، فكان يسكن بها جنده وخدمه وحشمه وبقى البلد عامرا ، وخربت فى دولة الأمير عيسى ابن فليتة وبقيت خرابا إلى دولة الأمير قتادة بن إدريس بن مطاعم بن عبد الكريم وجدّد فيها آثارا ومواضع شتى وأراد أن يسكن فيه الغرباء وقريش ويسكن هو وجميع أهل الشرف مكة فمات على غفلة وبطل جميع العمل من طول الأمل.
وأدار الأمير قتادة بن إدريس على مكة سورا من الحجر والطين ، وذلك على رءوس الجبال وبطون الأودية ، وركب عليه أربعة أبواب : باب درب المعلى ينفذ إلى عرفات ، وباب درب الثنية ينفذ إلى مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم ويسمى باب جدة ، وباب العمرة ، وباب المسفلة ينفذ إلى اليمن ، وباب الصغير ينفذ إلى الصفا المصافى والصحيفة وهو واد ليس عليه طريق ـ على هذا الوضع والترتيب ـ والله تعالى أعلم بالصواب.