في معصية الخالق فهو كمن دعا مع الله إلها آخر. (وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ). والنفس التي تقتل بالحق والعدل هي التي قتلت نفسا بغير الحق ، أو زنت عن إحصان ، أو ارتدت عن دين الحق ، أو سعت في الأرض فسادا والتفصيل في كتب الفقه. (وَلا يَزْنُونَ) لأن الزنا من أكبر الكبائر ، ولذا ساوى الله سبحانه بينه وبين الشرك بالله ، وقتل النفس ، وجعل حكم الثلاثة القتل بالشروط التي ذكرها الفقهاء (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً). ذلك اشارة الى الشرك والقتل والزنا ، والاثام العقوبة (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً). وأي عذاب وهوان أشد من عذاب جهنم؟ فكيف إذا كان مضاعفا مع الخلود الى ما لا نهاية.
(إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً). من تاب عن الذنب كمن لا ذنب له ، وفوق ذلك يثيبه الله على التوبة ، ويعطيه من الحسنات ما يعادل سيئات ذنوبه ، بحيث تمحو حسنات التوبة سيئات الذنوب : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) ـ ١١٦ هود ، وهذا هو معنى قوله تعالى : (يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) فإن السيئة بما هي لا تستحيل إلى حسنة ، ولا الحسنة بما هي تستحيل الى سيئة (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) بعد ان بين سبحانه في الآية السابقة انه يثيب التائب ثواب المحسنين أثنى عليه في هذه الآية بأنه قد رجع الى خالقه رجوعا حسنا ، وتدارك ما كان منه.
٧ ـ (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً). المراد بالشهادة هنا الحضور مثلها في قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ـ ١٨٤ البقرة. والمراد بالزور الباطل ، وباللغو كل ما لا خير فيه ، والمعنى ان المؤمنين لا يحضرون مجالس الباطل ، ولا يعينون أحدا عليه ، وبالأولى أن لا يفعلوه ، ولا يشتركوا في كلام لا خير فيه ، وإذا مروا به كرّموا أسماعهم عنه ، كما نزهوا ألسنتهم عن التفوه به ، تماما كالنحلة تسرع إذا مرت بالجيف والروائح الكريهة.
٨ ـ (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً). الشاعر