معا أن يكون المراد بالسماء هنا المعنى الظاهر من كلمة السماء وهو الفضاء الواسع الرحب بما فيه من النجوم وغيرها. والمراد بموسعين ان الله سبحانه يزيد الفضاء اتساعا باستمرار وعلى مدى الأيام ، قال أهل الاختصاص : ان الفضاء يتمدد بين المجرات باستمرار ، وان حجم الفضاء العالمي الآن يبلغ نحو عشرة أضعاف حجمه منذ بداية تمدده .. ويقول «سير جينز» : يبلغ متوسط البعد بين المجرات بعضها مع بعض نحو مليون ونصف من السنين الضوئية مع العلم ان الضوء يقطع ٦ ملايين مليون من الأميال في سنة واحدة .. ويقول «كامو» : انه قد علم بواسطة المراصد الكبرى ان بين النجوم مسافات سحيقة تقدر بنحو خمسمائة مليون سنة ضوئية ، وانه قد أحصى من المجرات نحو مائة مليون مجرة ، وانه يحتمل وجود مجرات أخرى على مسافات أبعد. (التكامل في الإسلام لأحمد أمين العراقي ج ٣ ص ٦٧ طبعة أولى).
ونحن لا نتحمس لتطبيق القرآن على العلم الحديث للمحاذير التي ذكرناها في ج ١ ص ٣٨ .. ولكن لا نجد مفرا من القول : ان هذه الآية الكريمة أصدق شاهد على ان معجزة محمد بن عبد الله (ص) هي المعجزة الأبدية الوحيدة من بين معاجز الأنبياء أجمعين ، وانها تزداد رسوخا ووضوحا كلما تقدم العلم خطوة الى الأمام.
(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ). مهد وهيأ سبحانه الأرض للإنسان ، وبسط فيها يده ليبني ويعمل للحياة والخير ، لا للشر والدمار ، أطلق يده ليعمل واشترط عليه أن يكف الأذى عن أخيه الإنسان ، لا ليلقي بالصواريخ وقنابل النابالم على مدارس الأطفال ودور الحضانة ، ومستشفيات المرضى ومصانع العمال ، وعلى كل من ينشد الحرية ، ويرفض العبودية إلا لله وحده.
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). يدل ظاهر الآية على أن الله سبحانه خلق في كل جنس من الكائنات زوجين ذكرا وأنثى ، سواء أكان إنسانا أم حيوانا او نباتا ام جمادا لأن كلمة كل شيء تعم الجميع .. ولا ندري هل اكتشف العلماء هذه الحقيقة او انهم ما زالوا في طريق الوصول اليها؟ والذي قرأناه من أقوال العلماء في هذا الباب ان ما من ذرة في الكون إلا وهي مؤلفة