من كهيرب موجب وسالب أي انها تحتوي على عنصر يجذب وآخر يدفع ، فهل تنطبق الآية على ذلك؟.
(فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ). وكل من كف الأذى عن غيره ، وصدق في أقواله وأخلص للحق والعدل في أفعاله فقد فر من الباطل الى الحق ، ومن الضلال إلى الهدى ، وعمل بما أمر الله ، أراد ذلك أو لم يرد. اما الكاذب الخائن فهو أعدى أعداء الله ، وان هلّل وكبّر ، وتعبد وتصدق.
(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ). والشرك أشكال ، منه عبادة الأصنام ، ونسبة الولد الى الله ... ومنه ايضا التلوّن في الدين والعمل لحساب أعداء الله والانسانية باسم الإسلام وصالح المسلمين.
(كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ). قال لك المكذبون يا محمد تماما مثل ما قال الأولون لأنبيائهم ، وما حظك في ذلك بأدنى من حظهم (أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ). غريب أن يتشابه الأولون والآخرون في تكذيب المحقين والمصلحين ... هل اجتمعوا وتواصوا بذلك كلا ، ما اجتمعوا ، ولا رأى او قلد بعضهم بعضا ، وإنما جمعهم عداء الباطل للحق ، والجهل للعلم (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) لا تذهب نفسك حسرات على كفرهم وطغيانهم يا محمد فما أنت بمسؤول عن دينهم ولا عن أقوالهم وأفعالهم (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ). لا مهمة لك يا محمد إلا ان تبلغ القرآن وتعظ به جميع الناس ، وإذا لم ينتفع بالموعظة من أصر على الكفر والفساد فينتفع بها من يبحث عن الحق ليؤمن به ويعمل بموجبه.
(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ). وعبادة الله وحده تعني التحرر من عبادة الإنسان للإنسان ، ومن عبادة المال والجاه ، وجميع الأهواء والشهوات ، وان لا يخضع إلا للحق والعدل ، وأيضا تعني الجهاد لنصرة الحق وأهله ، والعمل لخير الدنيا والآخرة ، وما من ريب ان من سلك هذه السبل أدت به الى دار السلام ، وعلى هذا تكون الغاية من خلق الجن والانس ان يحيوا حياة طيبة دائمة في دار الله وجواره شريطة ان يتحرروا من العبودية بشتى أنواعها ، ويعملوا صالحا ، ومن أهمل وقصّر فلا يلومنّ إلا نفسه ، وما ربك بظلام للعبيد. وتكلمنا مفصلا عن ذلك في ج ٦ ص ١٧١ فقرة «لما ذا خلق الله الإنسان؟».