صنع الطبيعة ، فكان ذلك كفرا منهم بأنعم الله ، وفيهم نزلت هذه الآية .. وهذا بعيد لأن الحديث عن القرآن لا عن الأمطار.
(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ). في بلغت ضمير مستتر يعود الى النفس التي دل عليها سياق الكلام ، وأنتم خطاب لمن شاهد الميت وهو يحتضر ، سواء أكان من أهله أم من غيرهم ، والمعنى كيف بكم أيها المداهنون إذا نزلت غمرات الموت بواحد منكم ، وبلغت روحه التراقي ، وأنتم تنظرون الى ما به ، وتتمنون له الحياة والبقاء ، فهل تملكون شيئا من أمره وتردون عليه حياته وعافيته؟. (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ). ضمير اليه يعود الى المحتضر ، والمعنى ان الله سبحانه يعلم بما حل بالمحتضر ، وبعجزكم عن نجدته وألمكم لفقده ، ولكنكم تجهلون ان الله موجود في كل مكان بعلمه وقدرته (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إذا كنتم أحرارا ـ كما تزعمون ـ وغير مسؤولين عن شيء ، ولا أحد يستطيع ان يقهركم على شيء ، إذا كان الأمر كذلك فلما ذا لا تدفعون الموت عن أنفسكم وترجعون أرواحكم الى أجسادكم لأن المفروض في منطقكم ان الله لا يملك لكم موتا ولا حياة ولا بعثا ولا حسابا.
(فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ). في أول هذه السورة قسم سبحانه أهل القيامة الى ثلاثة أصناف : السابقين المقربين ، وأصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال ، وذكر في هذه الآية ان المحتضر إذا كان من السابقين فهو في أمان قائم ونعيم دائم ، وتقدم في الآية ١٢ وما بعدها من هذه السورة ـ ما أعده الله للسابقين (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ). وإذا كان المحتضر من الصنف الثاني وهم أصحاب اليمين فتبشره الملائكة بالسلام والراحة .. ومن هنا بيانية ، وليست للتبعيض أي أنت ايها المؤمن الذي هو من أصحاب اليمين لك سلام وأمان. وتقدم في الآية ٢٧ وما بعدها من هذه السورة ما أعده سبحانه لأصحاب اليمين.
(وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ). وإذا كان المحتضر من الصنف الثالث وهم أصحاب الشمال فمأواه جهنم وساءت مصيرا ،