(تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ). هذا هو الثمن : ايمان لا يشوبه ريب ، وتضحية بالنفس ، وإيثار بالمال ، ومتى تحقق ذلك تتم الصفقة مع الله ، ومن أوفى بعهده منه تعالى؟. وفي نهج البلاغة : ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ان النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه خير من الأنفس والأموال والأولاد.
(يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ). هذا بيان وتفصيل للربح الذي ينالونه من هذه التجارة ، وأول هذا الربح غفران الذنوب ، ولا حر عند الله إلا من تحرر من ذنوبه وآثامه ، والربح الثاني ملك قائم ، ونعيم دائم (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذي لا فوز أعظم منه (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ). المراد بالنصر والفتح القريب فتح مكة كما يتبادر الى الأذهان .. وكان الصحابة يتلهفون على هذا النصر لكثرة ما لا قوه من مشركي أهل مكة ، فأمر سبحانه نبيه الكريم ان يبشرهم بهذا النصر وقربه بعد البشارة بالغفران والجنان.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ). الخطاب في يا أيها الذين آمنوا للصحابة يأمرهم الله فيه أن يكونوا مع رسوله العظيم كما كان الحواريون مع عيسى قولا وفعلا. وتقدم مثله في الآية ٥٢ من سورة آل عمران ج ٢ ص ٦٧.
وفي قاموس الكتاب المقدس : «يسمى يسوع الناصري ـ أي عيسى ـ .. والنسبة تعود الى مدينة الناصرة .. ومعنى يسوع «يهوه مخلّص» وهو اسمه الشخصي ، أما المسيح فهو لقبه .. ويقال المسيح لأنه مكرس للخدمة والفداء .. ودعي المؤمنون مسيحيين سنة ٤٢ أو ٤٣ م .. ويرجح ان هذا اللقب كان في أول الأمر شتيمة». وبين عيسى وموسى أكثر من ١٢٠٠ سنة وأقل من ١٤٩١ لأن المؤرخين على أقوال في ذلك أكثرها ١٤٩٠ وأقلها ١٢١١.
(فَآمَنَتْ طائِفَةٌ ـ بعيسى ـ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ). المراد بظاهرين الغالبون بالحجة والبرهان ،