الرجعية تستحق النفقة بما فيها السكنى ما دامت في العدة ، واختلفوا في نفقة المعتدة من الطلاق البائن. فقال الحنفية : لها النفقة حائلا كانت أم حاملا. وقال المالكية : ان كانت حائلا فلا شيء لها من النفقة إلا السكنى ، وان تكن حاملا فلها كل النفقة. وقال الشافعية والامامية والحنابلة : لا نفقة لها ان كانت حائلا ، ولها النفقة ان كانت حاملا.
ومن أوجب النفقة للمعتدة بشتى أنواعها أوجب بقاءها في بيت الزوج الذي طلقت فيه الى أن تنتهي عدتها ، ويحرم عليها أن تخرج منه كما يحرم عليه إخراجها لقوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ .. وَلا يَخْرُجْنَ (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي تثبت الفاحشة عليها شرعا ، واتفقوا على ان الزنا فاحشة تستدعي إخراجها من البيت ، واختلفوا في غيره. والذي نراه ان المراد بالفاحشة هنا الزنا فقط لأنه هو وحده المتبادر الى الافهام من كلمة الفاحشة حين تنسب الى النساء (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ). تلك إشارة الى شروط الطلاق وأحكام العدة ، وهي أحكام الله وحدوده التي بينها في كتابه وعلى لسان نبيه (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) لأنه عرضها لغضب الله وعذابه ، وفي آية ثانية : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) ـ ١٤ النساء.
(لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً). ما يدريك أيها المطلق ان يؤلف الله بين القلبين بعد تنافرهما ، وترجع المياه الى مجاريها؟. وفيه إيماء الى ان للقلوب تارات وساعات ، وان على الإنسان أن لا يقول لشيء : اني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله. ومن هنا قال الإمام علي (ع) : «عرفت الله بفسخ العزائم» أي ان هذا الفسخ دليل ظاهر على ان فوق تدبير الإنسان تدبيرا أقوى وأعظم.
٤ ـ (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ). إذا أو شكت العدة على الانتهاء فالمطلّق بالخيار ان شاء عدل عن عزمه وأرجع المطلقة الى عصمته ، وان شاء بقي على حكم الفراق ، فتنقطع العصمة بينه وبينها ، وفي الحالين عليه أن لا يضارها في شيء ويؤدي حقها كاملا ، وهذا هو المراد من الإمساك بمعروف والفراق بمعروف. وتقدم مثله في الآية ٢٣١ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٥١ .. ثم ان المطلقة لا تخلو من أن تكون آيسة أو حاملا أو