حرام الله الى حلاله ، ومن معصيته الى طاعته ، ويغنيه بفضله عمن سواه (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ). والذي نفهمه من هذه الآية ان الرزق لا ضابط دقيق له ولا قياس محكم ، فقد يأتي من غير احتساب ، وقد يذهب أيضا من غير احتساب .. وكم من حادث سعيد يفاجأ به الإنسان دون أن يترقبه .. وكم من حوادث سيئة ومؤلمة يصاب بها لم تكن لتخطر له على بال .. وما من شك ان بعضها من إهماله وتهاونه ، وبعضها من تدبير مدبر الكائنات.
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أي كافيه ، والتوكل على الله هو الأخذ بسنته في العمل والسعي وراء الأسباب : (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) ـ ١٥ الملك. وفي الحديث : «اعقلها وتوكل». (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) فلا عبث ولا فوضى ولا صدفة. وفي آية ثانية : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) ـ ٢ الفرقان. وفي ثالثة : (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) ـ ٨ الرعدج ٤ ص ٣٨٤.
٦ ـ (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ). اختلف فقهاء السنة في سن الآيسة اختلافا بلغ حد التشويش والاضطراب ، فمن قائل : هي خمسون. وقائل خمس وخمسون. وقال ثالث : ستون. ورابع اثنتان وستون. وفرّق خامس بين نساء العرب والعجم ، وقال : ان نساء العرب أقوى طبيعة. وقال سادس : تأخذ كل امرأة بعادة عشيرتها. وكثير منهم سكتوا ولم يحددوا سن الآيسة بشيء .. وأيضا اختلفوا في معنى قوله تعالى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) فمنهم من قال : ان المراد به ان شككتم في حكم العدة لا في حال المرأة وبلوغها سن اليأس. وقال آخرون : بل المراد الشك في حال المرأة ويأسها.
أما الشيعة الإمامية فقالوا : سن القرشية ستون ، وغيرها خمسون مستندين في ذلك الى روايات عن أهل البيت. وأيضا قال الشيعة : أقل سن تحيض معها الأنثى تسع سنين. ويتفق هذا مع ما جاء في كتاب المغني لابن قدامة ـ من السنة ـ : «ان أقل سن تحيض معها المرأة تسع سنين لأن المرجع في ذلك الى الوجود ، وقد وجد من تحيض لتسع ، وروي عن الشافعي انه رأى امرأة لها أولاد أولاد ، وعمرها احدى وعشرون سنة».