وجد على إمكان ما يوجد من أشباهه ونظائره (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ). هذا مثل قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) ـ ١٨٧ الأعراف ج ٣ ص ٤٣١ (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ). خوّفهم النبي من يوم القيامة ، فقالوا له ساخرين : فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين .. ولما بعثوا يوم القيامة وقيل لهم : هذا ما كنتم به تستعجلون ـ قالوا : يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين .. هذا هو شأن كل جاهل أرعن يركب رأسه ، ولا يبالي ما يصنع وما يقال له.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ). من تتبع آي الذكر الحكيم ير ان الخلاف بين الأنبياء والمشركين كان ـ في الأغلب ـ يدور حول الشرك والبعث ، وان أكثر الآيات أو الكثير منها يتصل بهذين المبدأين بأسلوب مباشر أو غير مباشر ، وكان المشركون يحتجون للشرك وعبادة الأصنام بعادة الآباء والأجداد ، ولإنكار البعث بأن الذي يصير ترابا لن يعود الى الحياة مرة ثانية ، وقد لقّن سبحانه نبيه الكريم حجة الرد عليهم ، وأنذرهم بالعذاب العاجل والآجل ، وسبق ذلك في عشرات الآيات ، فيعجز المشركون عن الجواب ويلجئون الى العناد والاستهزاء والشغب ، وأحيانا يدعون على الرسول الأعظم (ص) بالهلاك كما أشارت الآية ٣٠ من سورة الطور : (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ).
وقد تضمنت الآيات السابقة الخطاب مع المشركين حول البعث والتهديد بعذاب الخسف والحاصب في الدنيا ، وعذاب جهنم وبئس المصير في الآخرة ، ثم انتقل الخطاب الى دعائهم على الرسول والجواب عنه حيث أمر سبحانه النبي (ص) ان يقول لهم : أتتربصون بي وبمن معي ريب المنون ، وتتمنون لي ولهم الهلاك؟ أخبروني ما الذي تستفيدون إذا تحققت أمنيتكم هذه؟ هل ينجيكم هلاكي وهلاك من معي من العذاب ، وأنتم سادرون في الغي والضلال؟ كلا ، لا ينفعكم شيء إلا التوبة والانابة سواء أمتّم قبلي أم متّ قبلكم.
(قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا). هذا هو طريق الخلاص : الايمان بالله وبأنه يرحم ويغفر لمن تاب من ذنوبه ، وتوكل عليه في جميع أموره