وإضافة (سِدْرَةِ) إلى (الْمُنْتَهى) يجوز أن تكون إضافة بيانية. ويجوز كونها لتعريف السدرة بمكان ينتهي إليه لا يتجاوزه أحد لأن ما وراءه لا تطيقه المخلوقات.
والسدرة : واحدة السدر وهو شجر النبق قالوا : ويختص بثلاثة أوصاف : ظل مديد ، وطعم لذيذ ، ورائحة ذكية ، فجعلت السدرة مثلا لذلك المكان كما جعلت النخلة مثلا للمؤمن.
وفي قوله : (ما يَغْشى) إبهام للتفخيم الإجمالي وأنه تضيق عنه عبارات الوصف في اللغة.
وجنة المأوى : الجنة المعروفة بأنها مأوى المتقين فإن الجنة منتهى مراتب ارتقاء الأرواح الزكية. وفي حديث الإسراء بعد ذكر سدرة المنتهى «ثم أدخلت الجنة».
وقوله : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) ظرف مستقر في موضع الحال من (سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) أريد به التنويه بما حفّ بهذا المكان المسمى سدرة المنتهى من الجلال والجمال. وفي حديث الإسراء «حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى وغشيها ألوان لا أدري ما هي» وفي رواية «غشيها نور من الله ما يستطيع أحد أن ينظر إليها» ، وما حصل فيه للنبيصلىاللهعليهوسلم من التشريف بتلقّي الوحي مباشرة من الله دون واسطة الملك ففي حديث الإسراء «حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام ففرض الله على أمتي خمسين صلاة» الحديث.
وجملة (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) معترضة وهي في معنى جملة (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) إلى آخرها ، أي رأى جبريل رؤية لا خطأ فيها ولا زيادة على ما وصف ، أي لا مبالغة.
والزيغ : الميل عن القصد ، أي ما مال بصره إلى مرئي آخر غير ما ذكر ، والطغيان : تجاوز الحد.
وجملة (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) تذييل ، أي رأى آيات غير سدرة المنتهى ، وجنة المأوى ، وما غشى السدرة من البهجة والجلال ، رأى من آيات الله الكبرى.
والآيات : دلائل عظمة الله تعالى التي تزيد الرسول ارتفاعا.
[١٩ ـ ٢٣] (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ