الله ، أتجعلون له الأنثى وأنتم تبتغون الأبناء الذكور ، وتكون جملة (أَلَكُمُ الذَّكَرُ) إلخ بيانا للإنكار وارتقاء في إبطال مزاعمهم ، أي أتجعلون لله البنات خاصة وتغتبطون لأنفسكم بالبنين الذكور.
وجعل صاحب «الكشف» قوله : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) سادّا مسدّ المفعول الثاني لفعل «أرأيتم».
وأيضا لما كان فيما جرى من صفة الوحي ومنازل الزلفى التي حظي بها النبيصلىاللهعليهوسلم وعظمة جبريل إشعار بسعة قدرة الله تعالى وعظيم ملكوته مما يسجّل على المشركين في زعمهم شركاء لله أصناما مثل اللات والعزى ومناة. فساد زعمهم وسفاهة رأيهم أعقب ذكر دلائل العظمة الإلهية بإبطال إلهية أصنامهم بأنها أقل من مرتبة الإلهية إذ تلك أوهام لا حقائق لها ولكن اخترعتها مخيّلات أهل الشرك ووضعوا لها أسماء ما لها حقائق ، ففرّع (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) إلخ فيكون الاستفهام تقريريا إنكاريّا ، والرؤية علمية والمفعول الثاني هو قوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها).
وتكون جملة (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) إلخ معترضة بين المفعولين للارتقاء في الإنكار ، أي وزعمتموهن بنات لله أو وزعمتم الملائكة بنات لله.
وهذه الوجوه غير متنافية فنحملها على أن جميعها مقصود في هذا المقام.
ولك أن تجعل فعل «أرأيتم» (على اعتبار الرؤية علمية) معلّقا عن العمل لوقوع (إِنْ) النافية بعده في قوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها) وتجعل جملة (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى) إلى قوله : (ضِيزى) اعتراضا.
واللات : صنم كان لثقيف بالطائف ، وكانت قريش وجمهور العرب يعبدونه ، وله شهرة عند قريش ، وهو صخرة مربعة بنوا عليها بناء. وقال الفخر : «كان على صورة إنسان ، وكان في موضع منارة مسجد الطائف اليسرى» كذا قال القرطبي فلعل المسجد كانت له منارتان.
والألف واللام في أول (اللَّاتَ) زائدتان. و (ال) الداخلة عليه زائدة ولعل ذلك لأن أصله : لات ، بمعنى معبود ، فلما أرادوا جعله علما على معبود خاص أدخلوا عليه لام تعريف العهد كما في (اللهِ) فإن أصله إله. ويوقف عليه بسكون تائه في الفصحى.
وقرأ الجمهور : (اللَّاتَ) بتخفيف المثناة الفوقية. وقرأه رويس عن يعقوب بتشديد