ينهض وعن الميت أنه يحج عنه ابنه وإن لم يوص به».
وقال الأبيّ في «شرح مسلم» : «ذكر أن الشيخ ابن عرفة عام حجّ اشترى حجة للسلطان أبي العباس الحفصي على مذهب المخالف» ، أي خلافا لمذهب مالك.
وأما الصلاة والصيام ، فسئل مالك عن الحج عن الميت فقال : «أما الصلاة والصيام والحج عنه فلا نرى ذلك». وقال في «المدونة» : «يتطوع عنه بغير هذا أحب إليّ : يهدى عنه ، أو يتصدق عنه ، أو يعتق عنه». قال الباجي : «ففصل بينها وبين النفقات».
وقال الشافعي في أحد قوله : لا يصله ثواب الصلوات التطوع وسائر التطوعات. قال صاحب «التوضيح» من الشافعية : «وعندنا يجوز الاستنابة في حجة التطوع على أصح القولين» ، وقال أحمد : «يصله ثواب الصلوات وسائر التطوعات».
والمشهور من مذهب الشافعي : أن قراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت لا يصله ثوابها ، وقال أحمد بن حنبل وكثير من أصحاب الشافعي : يصله ثوابها.
وحكى ابن الفرس عن مذهب مالك : أن من قرأ ووهب ثواب قراءته لميت جاز ذلك ووصل للميت أجره ونفعه فما ينسب إلى مالك من عدم جواز إهداء ثواب القراءة في كتب المخالفين غير محرر.
وقد ورد في حديث عائشة قالت : «كان رسول الله يعوّذ نفسه بالمعوذات فلما ثقل به المرض كنت أنا أعوذه بهما وأضع يده على جسده رجاء بركتها» فهل قراءة المعوذتين إلا نيابة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما كان يفعله بنفسه ، فإذا صحت النيابة في التعوذ والتبرك بالقرآن فلما ذا لا تصح في ثواب القراءة.
واعلم أن هذا كله في تطوع أحد عن أحد بقربة ، وأما الاستئجار على النيابة في القرب : فأما الحج فقد ذكروا فيه جواز الاستئجار بوصية ، أو بغيرها ، لأن الإنفاق من مقومات الحج ، ويظهر أن كل عبادة لا يجوز أخذ فاعلها أجرة على فعلها كالصلاة والصوم لا يصح الاستئجار على الاستنابة فيها ، وأن القرب التي يصح أخذ الأجر عليها يصح الاستئجار على النيابة فيها مثل قراءة القرآن ، فقد أقر النبي صلىاللهعليهوسلم فعل الذين أخذوا أجرا على رقية الملدوغ بفاتحة الكتاب.
وإذا علمت هذا كله فقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) هو حكم كان في شريعة سالفة ، فالقائلون بأنه لا ينسحب علينا لم يكن فيما ورد من الأخبار بصحة