من صدقات وصيام ونوافل الصلوات وتجهيز الغزاة للجهاد غير المتعين على المسلم المجهّز (بكسر الهاء) ولا على المجهّز (بفتح الهاء) ، والكلمات الصالحة من قراءة القرآن وتسبيح وتحميد ونحوهما وصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم وبهذا يكون تحرير محل ما ذكره ابن الفرس من الخلاف في نقل عمل أحد إلى غيره.
قال النووي : «الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذلك الصدقة وهما مجمع عليهما. وكذلك قضاء الدين» اه. وحكى ابن الفرس مثل ذلك ، والخلاف بين علماء الإسلام فيما عدا ذلك.
وقال مالك : «يتطوع عن الميت فيتصدق عنه أو يعتق عنه أو يهدي عنه ، وأما ما كان من القرب الواجبة مركّبا من عمل البدن وإنفاق المال مثل الحج والعمرة والجهاد» فقال الباجي : «حكى القاضي عبد الوهاب عن المذهب أنها تصح النيابة فيها» وقال ابن القصار : «لا تصح النيابة فيها». وهو المشتهر من قول مالك ومبنى اختلافهما أن مالكا كره أن يحج أحد عن أحد إلا أنه إن أوصى بذلك نفذت وصيته ولا تسقط الفرض.
ورجح الباجي القول بصحة النيابة في ذلك بأن مالكا أمضى الوصية بذلك ، وقال : لا يستأجر له إلا من حجّ عن نفسه فلا يحج عنه ضرورة ، فلو لا أن حج الأجير على وجه النيابة عن الموصي لما اعتبرت صفة المباشر للحج. قال ابن الفرس : «أجاز مالك الوصية بالحج الفرض ، ورأى أنه إذا أوصى بذلك فهو من سعيه والمحرر من مذهب الحنفية صحة النيابة في الحج لغير القادر بشرط دوام عجزه إلى الموت فإن زال عجزه وجب عليه الحج بنفسه ، وقد ينقل عن أبي حنيفة غير ذلك في كتب المالكية.
وجوز الشافعي الحج عن الميت ووصية الميت بالحج عنه. قال ابن الفرس : «وللشافعي في أحد قوليه أنه لا يجوز واحتج بقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) اه.
ومذهب أحمد بن حنبل جوازه ولا تجب عليه إعادة الحج إن زال عذره.
وأما القرب غير الواجبة وغير الرواتب من جميع أفعال البر والنوافل ؛ فأما الحج عن غير المستطيع فقال الباجي : «قال ابن الجلاب في «التفريع» يكره أن يستأجر من يحجّ عنه فإن فعل ذلك لم يفسخ» وقال ابن القصار : «يجوز ذلك في الميت دون المعضوب» (وهو العاجز عن النهوض). وقال ابن حبيب : «قد جاءت الرخصة في ذلك عن الكبير الذي لا