وخامسها : تشبيههم بالجراد المنتشر في الاكتظاظ واستتار بعضهم ببعض من شدة الخوف زيادة على ما يفيده التشبيه من الكثرة والتحرك.
وسادسها : وصفهم بمهطعين ، والمهطع : الماشي سريعا مادّا عنقه ، وهي مشيئة مذعور غير ملتف إلى شيء ، يقال : هطع وأهطع.
وسابعها : قولهم : (هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) وهو قول من أثر ما في نفوسهم من خوف. و (عَسِرٌ) : صفة مشبهة من العسر وهو الشدة والصعوبة. ووصف اليوم ب (عَسِرٌ) وصف مجازي عقلي باعتبار كونه زمانا لأمور عسرة شديدة من شدة الحساب وانتظار العذاب.
وأبهم (شَيْءٍ نُكُرٍ) للتهويل ، وذلك هو أهوال الحساب وإهانة الدفع ومشاهدة ما أعد لهم من العذاب.
وانتصب (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) على الحال من الضمير المقدر في (يَدْعُ الدَّاعِ) وإمّا من ضمير (يَخْرُجُونَ) مقدما على صاحبه.
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وأبو جعفر (خُشَّعاً) بصيغة جمع خاشع. وقرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف خاشعا بصيغة اسم الفاعل. قال الزجاج : «لك في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد والتذكير نحو خاشعا أبصارهم. ولك التوحيد والتأنيث نحو قراءة ابن مسعود خاشعة أبصارهم ولك الجمع نحو (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) اه.
و (أَبْصارُهُمْ) فاعل (خُشَّعاً) ولا ضير في كون الوصف الرافع للفاعل على صيغة الجمع لأن المحظور هو لحاق علامة الجمع والتثنية للفعل إذا كان فاعله الظاهر جمعا أو مثنى ، وليس الوصف كذلك ، كما نبه عليه الرضيّ على أنه إذا كان الوصف جمعا مكسّرا ، وكان جاريا على موصوف هو جمع ، فرفع الاسم الظاهر الوصف المجموع أولى من رفعه بالوصف المجموع المفرد على ما اختاره المبرد وابن مالك كقول امرئ القيس :
وقوفا بها صحبي على مطيّهم
وشاهد هذا القراء.
وقوله : (يَقُولُ الْكافِرُونَ) إظهار في مقام الإضمار لوصفهم بهذا الوصف الذميم وفيه تفسير الضمائر السابقة.