تعالى ونعمه وإفضاله لا تحيط به العبارة ، فعبّر عنه بهذه المبالغة إذ هي أقصى ما تسمح به اللغة في التعبير ، ليعلم الناس أنهم محقوقون لله تعالى بشكر يوازي عظم نعمه عليهم.
وفي استحضار الجلالة بعنوان (رب) مضافا إلى ضمير المخاطب وهو النبيصلىاللهعليهوسلم إشارة إلى ما في معنى الرب من السيادة المشوبة بالرأفة والتنمية ، وإلى ما في الإضافة من التنويه بشأن المضاف إليه وإلى كون النبي صلىاللهعليهوسلم هو الواسطة في حصول تلك الخيرات للذين خافوا مقام ربهم بما بلغهم النبي صلىاللهعليهوسلم من الهدى.
وقرأ الجمهور ذي الجلال بالياء مجرورا صفة ل (رَبِّكَ) وهو كذلك مرسوم في غير المصحف الشامي. وقرأه ابن عامر (ذُو الْجَلالِ) صفة ل (اسْمَ) كما في قوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [الرحمن : ٢٧]. وكذلك هو مرسوم في غير مصحف أهل الشام. والمعنى واحد على الاعتبارين.
ولكن إجماع القراء على رفع (ذُو الْجَلالِ) الواقع موقع (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) واختلاف الرواية في جرّ (ذِي الْجَلالِ) هنا يشعر بأن لفظ (وَجْهُ) أقوى دلالة على الذات من لفظ (اسْمُ) لما علمت من جواز أن يكون المعنى جريان البركة على التلفظ بأسماء الله بخلاف قوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) فذلك من حكمة إنزال القرآن على سبعة أحرف.
والجلال : العظمة ، وهو جامع لصفات الكمال اللائقة به تعالى.
والإكرام : إسداء النعمة والخير ، فهو إذن حقيق بالثناء والشكر.