هذه الجملة ليست من حكاية كلام الملائكة بل هي تذييل لقصة محاورة الملائكة مع إبراهيم ، والفاء في (فَأَخْرَجْنا) فصيحة لأنها تفصح عن كلام مقدر هو ما ذكر في سورة هود من مجيء الملائكة إلى لوط وما حدث بينه وبين قومه ، فالتقدير : فحلّوا بقرية لوط فأمرناهم بإخراج من كان فيها من المؤمنين فأخرجوهم. وضمير «أخرجنا» ضمير عظمة الجلالة.
وإسناد الإخراج إلى الله لأنه أمر به الملائكة أن يبلغوه لوطا ، ولأن الله يسّر إخراج المؤمنين ونجاتهم إذ أخّر نزول الحجارة إلى أن خرج المؤمنون وهم لوط وأهله إلا امرأته.
وعبر عنهم ب (الْمُؤْمِنِينَ) للإشارة إلى أن إيمانهم هو سبب نجاتهم ، أي إيمانهم بلوط. والتعبير عنه ب (الْمُسْلِمِينَ) لأنهم آل نبيء وإيمان الأنبياء إسلام قال تعالى : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة : ١٣٢].
وضمير (فِيها) عائد إلى القرية ولم يتقدم لها ذكر لكونها معلومة من آيات أخرى كقوله : (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) [الفرقان : ٤٠].
وتفريع (فَما وَجَدْنا) تفريع خبر على خبر ، وفعل (وَجَدْنا) معنى علمنا لأن (وجد) من أخوات (ظن) فمفعوله الأول قوله : (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) و (من) مزيدة لتأكيد النفي وقوله : (فِيها) في محل المفعول الثاني.
وإنما قال : (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) دون أن يقول : فأخرجنا لوطا وأهل بيته قصدا للتنويه بشأن الإيمان والإسلام ، أي أن الله نجّاهم من العذاب لأجل إيمانهم بما جاء به رسولهم لا لأجل أنهم أهل لوط ، وأن كونهم أهل بيت لوط لأنهم انحصر فيهم وصف (الْمُؤْمِنِينَ) في تلك القرية ، فكان كالكلي الذي انحصر في فرد معين.
والمؤمن : هو المصدق بما يجب التصديق به. والمسلم المنقاد إلى مقتضى الإيمان ولا نجاة إلا بمجموع الأمرين ، فحصل في الكلام مع التفنن في الألفاظ الإشارة إلى التنويه بكليهما وإلى أن النجاة باجتماعهما.
والآية تشير إلى أن امرأة لوط كانت تظهر الانقياد لزوجها وتضمر الكفر وممالأة