أو الترجيح ، ورواية مسلم وغيره عن ابن مسعود أصح سندا ، وكلام ابن مسعود يرجّح على ما روي عن أنس وابن عباس لأنه أقدم إسلاما وأعلم بنزول القرآن ، وقد علمت آنفا أن صدر هذه السورة كان مقروءا قبل إسلام عمر بن الخطاب. قال ابن عطية «يشبه صدرها أن يكون مكيا والله أعلم ، ولا خلاف أن فيها قرآنا مدنيا» اه.
وروي أن نزولها كان يوم ثلاثاء استنادا إلى حديث ضعيف رواه الطبراني عن ابن عمر ورواه الديلمي عن جابر بن عبد الله.
وأقول : الذي يظهر أن صدرها مكي كما توسمه ابن عطية وأن ذلك ينتهي إلى قوله : (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) [الحديد : ٩] وأن ما بعد ذلك بعضه نزل بالمدينة كما تقتضيه معانيه مثل حكاية أقوال المنافقين ، وبعضه نزل بمكة مثل آية (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [الحديد : ١٦] الآية كما في حديث مسلم. ويشبه أن يكون آخر السورة قوله : (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد : ٢٥] نزل بالمدينة ألحق بهذه السورة بتوقيف من النبيصلىاللهعليهوسلم في خلالها أو في آخرها.
قلت : وفيها آية (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) [الحديد : ١٠] الآية ، وسواء كان المراد بالفتح في تلك الآية فتح مكة أو فتح الحديبية. فإنه أطلق عليه اسم الفتح وبه سميت «سورة الفتح» ، فهي متعينة لأن تكون مدنية فلا ينبغي الاختلاف في أن معظم السورة مدني.
وروي أن نزولها كان يوم الثلاثاء استنادا إلى حديث ضعيف رواه الطبراني عن ابن عمر ورواه الديلمي عن جابر بن عبد الله.
وقد عدت السورة الخامسة والتسعين في ترتيب نزول السور جريا على قول الجمهور : إنها مدنية فقالوا : نزلت بعد سورة الزلزال وقبل سورة القتال ، وإذا روعي قول ابن مسعود : إنها نزلت بعد البعثة بأربع سنين. وما روي من أن سبب إسلام عمر بن الخطاب أنه قرأ صحيفة لأخته فاطمة فيها صدر سورة الحديد لم يستقم هذا العدّ لأن العبرة بمكان نزول صدر السورة لا نزول آخرها فيشكل موضعها في عد نزول السورة.
وعلى قول ابن مسعود يكون ابتداء نزولها آخر سنة أربع من البعثة فتكون من أقدم السور نزولا فتكون نزلت قبل سورة الحجر وطه وبعد غافر ، فالوجه أن معظم آياتها نزل بعد سورة الزلزال.