إلى الملك القرم وابن الهمّام ... البيت
واللام في (لِذِكْرِ اللهِ) لام العلة ، أي لأجل ذكر الله.
ومعنى الخشوع لأجله : الخشوع المسبب على سماعه وهو الطاعة والامتثال.
وقرأ نافع وحفص عن عاصم (وَما نَزَلَ) بتخفيف الزاي. وقرأه الباقون بتشديد الزاي على أن فاعل (نَزَلَ) معلوم من المقام ، أي الله.
و (لا يَكُونُوا) قرأه الجمهور بياء الغائب. وقرأه رويس عن يعقوب ولا تكونوا بتاء الخطاب.
و (لا) نافية على قراءة الجمهور والفعل معمول ل «أن» المصدرية التي ذكرت قبله ، والتقدير : ألم يأن لهم أن لا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب. وعلى قراءة رويس عن يعقوب فتاء الخطاب الالتفات و (لا) نافية ، والفعل منصوب بالعطف كقراءة الجمهور ، أو (لا) ناهية والفعل مجزوم والعطف من عطف الجمل.
والمقصود التحذير لا أنهم تلبسوا بذلك ولم يأن لهم الإقلاع عنه. والتحذير منصبّ إلى ما حدث لأهل الكتاب من قسوة القلوب بعد طول الأمد عليهم في مزاولة دينهم ، أي فليحذر الذين آمنوا من أن يكونوا مثلهم على حدثان عهدهم بالدين. وليس المقصود عذر الذين أوتوا الكتاب بطول الأمد عليهم لأن طول الأمد لا يكون سببا في التفريط فيما طال فيه الأمد بل الأمر بالعكس ولا قصد تهوين حصوله للذين آمنوا بعد أن يطول الأمد لأن ذلك لا يتعلق به الغرض قبل طول الأمد ، وإنما المقصود النهي عن التشبه بالذين أوتوا الكتاب في عدم خشوع قلوبهم ولكنه يفيد تحذير المؤمنين بعد أن يطول الزمان من أن يقعوا فيما وقع فيه أهل الكتاب. ويستتبع ذلك الأنباء بأن مدة المسلمين تطول قريبا أو أكثر من مدة أهل الكتاب الذين كانوا قبل البعثة ، فإن القرآن موعظة للعصور والأجيال.
ويجوز أن تجعل (لا) حرف نهي وتعلق النهي بالغائب التفاتا أو المراد : أبلغهم أن لا يكونوا.
وفاء (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) لتفريع طول الأمد على قسوة القلوب من عدم الخشوع ، فهذا التفريع خارج عن التشبيه الذي في قوله : (كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ) ، ولكنه تنبيه على عاقبة ذلك التشبيه تحذيرا من أن يصيبهم مثل ما أصاب الذين أوتوا الكتاب من قبل.