أداة الشرط إنما تقتضي تعليق وقوع جوابها على وقوع فعلها لو وقع. ووقع (سَحابٌ مَرْكُومٌ) خبرا عن مبتدأ محذوف ، وتقديره : هو سحاب وهذا سحاب.
والمقصود : أنهم يقولون ذلك عنادا مع تحققهم أنه ليس سحابا. ولكون المقصود أن العناد شيمتهم فرع عليه أن أمر الله رسول صلىاللهعليهوسلم بأن يتركهم ، أي يترك عرض الآيات عليهم ، أي أن لا يسأل الله إظهار ما اقترحوه من الآيات لأنهم لا يقترحون ذلك طلبا للحجة ولكنهم يكابرون ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ) كلمات (رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ* وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٩٦ ، ٩٧]. وليس المراد ترك دعوتهم وعرض القرآن عليهم.
ويجوز أن يكون الأمر في قوله : (فَذَرْهُمْ) مستعملا في تهديدهم لأنهم يسمعونه حين يقرأ عليهم القرآن كما يقال للذي لا يرعوي عن غيه : دعه فإنه لا يقلع.
وأفادت الغاية أنه يتركهم إلى الأبد لأنهم بعد أن يصعقوا لا تعاد محاجتهم بالأدلة والآيات.
وقرأ الجمهور (يُلاقُوا). وقرأه أبو جعفر (يُلْقُوا) بدون ألف بعد اللام.
و «اليوم الذي فيه يصعقون» هو يوم البعث الذي يصعق عنده من في السماوات ومن في الأرض.
وإضافة اليوم إلى ضميرهم لأنهم اشتهروا بإنكاره وعرفوا بالذين لا يؤمنون بالآخرة. وهذا نظير النسب في قول أهل أصول الدين : فلان قدري ، يريدون أنه لا يؤمن بالقدر. فالمعنى بنسبته إلى القدر أنه يخوض في شأنه ، أو لأنه اليوم الذي أوعدوه ، فالإضافة لأدنى ملابسة.
ونظيره قوله تعالى : (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [الأنبياء: ١٠٣].
والصعق : الإغماء من خوف أو هلع قال تعالى : (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) [الأعراف : ١٤٣] ، وأصله مشتق من الصاعقة لأن المصاب بها يغمى عليه أو يموت ، يقال : صعق ، بفتح فكسر ، وصعق بضم وكسر.