وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (٧١) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم
____________________________________
وتنقاد لكرابها (وَ) لكنّها (لا تَسْقِي الْحَرْثَ) اي الأرض المزروعة او الزرع ولا تطاوع لأن يدلى عليها من الآبار والأنهار (مُسَلَّمَةٌ) من العيوب (لا شِيَةَ فِيها) ليس فيها لون يخالف معظم لونها (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) اي بحق الوصف المبين والمعين (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) إما لغلاء ثمنها كما يروى واما لغير ذلك من الأسباب ٧١ (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها) اي قتلها بعض منكم فسرت فيكم التهمة والخصومة فصار كل منكم يريد ان يدفعها ويدرأها عنه (وَاللهُ مُخْرِجٌ) بقدرته من سرّ الخفاء الى العلم والظهور (ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) اي يكتمه القاتل منكم من القتل وسببه. وقد كان الأمر بذبح البقرة وتعنتهم في السؤال عنها وتثاقلهم عن ذبحها من متعلقات القتل واتهام بعضهم بعضا وتدارئهم لها فيما بينهم ولكن أفرد الله تلك الأمور بالذكر تذكيرا لبني إسرائيل بتباطي أسلافهم عن امتثال امر الله. ونسبة موسى الى الاستهزاء لما بلغهم امر الله بما يزيح علتهم. وشقاقهم بكثرة السؤال حتى انهم ما كادوا يفعلون. وامتنانا عليهم بالمجاراة لهم في شقاقهم وتباطئهم عن أوامره لكي يرفع تخاصمهم وينجي البريء ويظهر البراءة بعلم اليقين. ثم شرع في تذكيرهم بمننه عليهم واظهار الحق وفصل الخصومة بالنحو المعجز الذي يوضح لهم قدرة الله وربط أطراف القصة بقوله جلت آلاؤه ٧٢ (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ) اي المقتول المذكور في الآية السابقة (بِبَعْضِها) اي تلك البقرة التي أمروا بذبحها فذبحوها. فضربوه ببعضها ورجع حيا واخبر بقاتله وظهر امر القتل بالمعجز حق اليقين وارتفعت الخصومة وقد دل على هذا كله سياق الكلام والتذكير بما فيه من المنة عليهم مع قوله جلت قدرته (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) بالتدبر والاعتبار بآيات الله وقدرته واحيائه الميت ورحمته لكم لكي تعرفوا رشدكم وتهتدوا الى سواء السبيل وان تعقلهم احد الغايات وان كان أشرفها وأكثرها لهم نفعا. وجيء بلعل لأن تعقلهم غير لازم بل هو راجع الى حسن اختيارهم في التفكر وحسن الاعتبار والتبصر وعدم التناسي والانقياد الى وساوس الأهواء وضلالها ٧٣ (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ)