نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٥) أَلَمْ
____________________________________
الكتاب نسخ كتب الأنبياء وآياتها بالقرآن وآياته في مقام التلاوة والذكر والصلاة والشريعة والهداية وغير ذلك فضلا عن ان تلك الكتب وآياتها قد حرفت وبدلت حتى صارت حقيقتها نسيا منسيا فإن القرآن منزل من الله بحسب المصلحة التي اقتضت انزاله وانه ما ننسخ من آية او ننسها (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) في الأثر. (أَوْ مِثْلِها) ونسب الإنساء الى الله مجازا كما نسب الإضلال باعتبار تمرد المنتسبين الى كتابها حتى خرجوا عن أهلية اللطف والتوفيق فوكلهم الله الى أنفسهم الأمارة فحرفوها وبدلوها الى ان صارت نسيا منسيا. ولا مصداق لهذه الآية في آيات القرآن بعضها مع بعض. اما نسخ نفس الآية القرآنية بمعنى نسخ تلاوتها فلا تكاد أن تعرف له مصلحة تقتضيه فضلا عما يختلج من وجوه المفسدة مضافا إلى انه لا دليل على وقوعه ولئن روي في ذلك شيء فقد مرّ في الأمر الثاني والثالث من الفصل الثاني من المقدمة ما يبطله ويكذبه وقد حكي عن مقالات الشيخ المفيد ان عدم هذا النسخ مذهب الشيعة وجماعة من اهل الحديث وغيرهم. واما ما حكي عن العلامة في نهاية الأصول. والكركي في طهارة جامعه والطبرسي. في اقسام النسخ من القول بوقوعه. فقد استندوا له بما يزعم من آية الرجم وقد أشرنا الى ما فيها مضافا الى ما ذكر. والظاهر ان نسخه بهذا المعنى مناف لقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) واما انساؤها ونسيانها فهو مناف لآية الحفظ المذكورة ولقوله تعالى (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) ولا تشبث بقوله تعالى (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) فإن حمل الكلام على الاستثناء بالمشيئة لا يبقي وجها للامتنان والوعد بقوله تعالى (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) بل ان المقصود منه الاستدراك لبيان ان عدم النسيان إنما هو بقدرة الله ومشيئته لا لأمر طبيعي لازم بل لو اقتضت المصلحة وشاء الله ان يتركه وبشريته لنسي كما في قوله تعالى في سورة هود ١١٠ (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) وقد أطلنا الكلام في المقام لأنه لم يعط حقه (أَلَمْ تَعْلَمْ) خطاب وتوبيخ للإنسان بدليل ما يأتي (أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ينزل الخير ويرسل الرسل ويرحم ويلطف بهم ويأت بخير مما نسخ ولا يخص بلطفه قوما دون قوم وهم اهل له ١٠٥ (أَلَمْ تَعْلَمْ) ايها الإنسان (أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وكل الناس عباده يفعل ما يشاء وما يقتضيه لطفه ورحمته