وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
____________________________________
المكتوب (وَأَنْ تَصُومُوا) مصدره في مقام المبتدأ وعدل الى الفعل ليتجلى منه الصدور من الفاعل والترغيب في اختياره في المستقبل (خَيْرٌ لَكُمْ) خبر المبتدأ تعرفون انه خير لكم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ان التكليف لطف من الله بعبده وان الطاعة وامتثال الفرائض معراج للسعادة وان الصيام فيه فضل كبير وفوائد كثيرة وقد تكرر الترغيب والتأكيد في أمر الصيام بقوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً). و (أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). وذلك لأجل ما في الصيام من الفضل العظيم والكلفة في إمساكه. وقال بعض ان قوله تعالى (وَأَنْ تَصُومُوا) الآية راجع الى من رخص له بالفدية. ويدفعه «أولا» انه لا معين لرجوعه الى ما ذكر مع صلاحيته للرجوع الى غيره «وثانيا» ان رجوعه الى ما زعموا لا يناسب التأكيد بقوله تعالى إن كنتم تعلمون «وثالثا» سياق الخطاب في الآية يقضي بأنه خطاب لمن خوطبوا بأنهم كتب عليهم الصيام. والذي عليه الفدية إنما جاء بلفظ الغيبة. وقال بعض انه راجع الى الصيام في السفر ويدفعه «أولا» انه لا معين لرجوعه الى ذلك مع صلاحيته للرجوع الى غيره «وثانيا» انه لا يناسب سوق الآية بأنّ المكتوب في السفر هو عدة من أيام أخر. وليس في حكم السفر ذكرا وإشارة الى البدلية لكي يفضل احد البدلين على الآخر. بل الذي ذكر هو ان صوم العدة من ايام آخر هو المكتوب ولو أراد الله الرجوع الى ما زعموا لما ساق كلامه المجيد بأسلوب يأباه «وثالثا» منافاته لما صح عن رسول الله (ص) من قوله ليس من البر الصيام في السفر. كما رواه احمد والبخاري ومسلم وابو داود والنسائي وعن ابن حبان في صحيحه عن جابر عنه (ص). وابن ماجه عن ابن عمر عنه (ص) واحمد والنسائي وعن عبد الرزاق في جامعه والطبراني والبيهقي عن كعب بن عاصم الأشعري عنه (ص). وما رواه ابن ماجة عن عبد الرحمن بن عوف عنه (ص) والنسائي عن عبد الرحمن موقوفا الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. وما عن الديلمي في الفردوس وعبد الرزاق في جامعه عن ابن عمر عنه (ص) ان الله تصدق بإفطار الصائم على مرضى امتي ومسافريهم أفيحب أحدكم ان يتصدق على احد بصدقة ثم يظل يردها. وروى نحوه في الكافي والفقيه والعلل والتهذيب في الصحيح عن الصادق عليهالسلام عن رسول الله (ص). وما أخرجه النسائي والترمذي ونص على صحته